القصة الموجهة للطفل العربي.. وكيفية تطويرها

الوحدة : 23-9-2022

عن اهم الأسباب الكامنة وراء عدم مواكبة أدب الأطفال لتطورات العصر الراهن ولإمكانيات الطفل في بيئته الجديدة التي تغلب عليها صفة الحداثة والتكنولوجيا بأنواعها المتعددة، يطالعنا بحث على درجة عالية من الأهمية تم نشره في إحدى الصحف الالكترونية يناقش في طياته هذه المشكلة المعاصرة من خلال شرحه لأهم الأسباب التي كانت وراء التقصير العام لأدب الأطفال عن ملامسة القضايا الطفلية وكذلك من خلال تقديمه لأبرز الاقتراحات التي يمكنها تقريب المسافات بين الإنتاج الأدبي الموجه للأطفال وبين مجتمعهم المعاصر بكل متناقضاته وأحداثه..

في البداية ، يرى البحث أن القسم الأكبر من قصص الأطفال العربية ما يزال متواضعَ المستوى مضموناً وأسلوباً، وقاصراً أمام احتياجات أطفالنا، رغم أننا في الألفية الثالثة حيث الاطلاعُ على تجارب الآخرين المتقدمة صار سهلاً عبر الكتب المترجمة، والإنترنت، والمعارض، ورغم أن تجربة الكتابة في قصة الطفل العربية تجاوز عمرها عدة عقود من السنين.

 

وذكر البحث أن المحاولات الأولى في تأليف قصص عربية مخصصة للأطفال ظهرت في نهايات القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين، غيرَ أنَّ القصة الناضجة التي لفتت الأنظارَ إليها، وشكَّلتْ لها جمهوراً من الصغار لم تظهر تقريباً إلا في الستينيات من القرن الماضي.

وما ساعد على هذا النضج أن عدداً من المجلات الجادة المتخصصة بالطفولة كانت قد برزتْ إلى الساحة قبل هذا التاريخ، وأخذتْ تُشجِّع الأدباءَ على الكتابة، وتستقبل إنتاجهم كمجلات: (سندباد، سمير، ميكي) في مصر، ثم ظهرت في سوريا مجلة: (أسامة) عام 1969، ثم توالى ظهور المجلات في هذا القطر أو ذاك، ولكل مجلة أفقها الخاص، ومنها: (العربي الصغير، ماجد، أحمد، وسام)، كما عُرف بعض الأدباء بتوجههم إلى القصة الطفلية، ومعظمهم لم يقصر إنتاجه عليها، من هؤلاء:( زكريا تامر، عادل أبو شنب، دلال حاتم،… ). ولاحقاً، جاء جيل آخر من كتَّاب القصة أكمل جهودَ سابقيه، ودخلت القصة على يديه في طور من التنوع النسبي ومقاربة حاجات الطفل النفسية، والاجتماعية، والترفيهية، ويمكن القول: إنَّ الخط البياني الصاعد للقصة سواء من جهة الإنتاج الأدبي أو من جهة إقبال الصغار على القراءة استمر تقريباً إلى الثمانينيات، وما بعدها بقليل من القرن العشرين. إلا أنَّ الحال أخذ يتغير بعد ذلك، فالصعود صار خطاً مستقيماً، وبدأ الخط المستقيم يتحول إلى خط هابط تدريجياً باستثناء بعض التجارب المحدودة، كما أنَّ الأطفال أخذوا ينفضُّون عن القصة.

اما أسباب المشكلة فقد عزاها البحث لمجموعة من النقاط، وهي :

– أن كتَّابُ هذه القصة وجدوا أنفسَـهم شبه معزولين عن الدعم الحقيقي، كما أن فرص النشر بحد ذاتها ضئيلة جداً.

– والسبب الثاني، كما أورده البحث، هو اقتصار كثير من الدول العربية على المجلات التابعة لوزارات الثقافة، وهي محدودة العدد لا تتناسب مع الزيادة في نسبة الأطفال، في سورية مثلاً، كانت مجلة واحدة هي: (أسامة)، ثم رَفَدتْها قليلاً مجلة: (الطليعي).

– السبب الثالث هو زيادة جرعات الوعظ والتلقين في قصص الأطفال بعد أن خفَّتْ حدُّتها، وسار الفن القصصي شوطاً في تحقيق ذاته. وكذلك عدم انتباه الجهات الرسمية التي تطبع كُتبَ القصة إلى مسائل الغلاف، والصور الداخلية، ونوعية الخط، والإخراج عموماً بصورة كافية، هذه المسائل توفِّر للكتاب جاذبيةً فنية ضرورية للأطفال، ولا سيما في عصر التلفاز الذي يضع أمام أبصارهم عوالم مما فوق السحر.

– أما من جانب الأطفال، فقد ذكر البحث بأنه فضلاً عن تأثرهم برداءة الإنتاج القصصي، فقد أحاطتْ بهم ظروف جديدة أبعدتهم عن المكتبات وما فيها من القصص، وجميعِ كتب الأدب والعلم، فالأجيال الجديدة من المعلمين والمعلمات لا يشجعون التلاميذ على ارتياد المكتبة، وكذلك الأهل لا يتابعون أبناءَهم في هذه الناحية، فقد انخرطوا في المشكلات الاقتصادية، التي أرخت بظلالها على الأوضاع بشكل عام.

– وأضاف البحث سبباً آخر وهو أن برامجُ التلفاز قد ملأت المساحات الفارغة في حياة الأطفال، ثم جاء الحاسوب بألعابه العجيبة المذهلة، وعلا ضجيج ملاعب الكرة، والنتيجة: اعتاد الصغار أجواءَ التسلية والإثارة والضجيج، وباتت القصة وغيرها من منسياتهم.

أما عن رؤية البحث لقصص الأطفال ووضعها العام في المستقبل، فقد أشار إلى أنه إذا أردنا أن نضع قصة الطفل على طريق التطور، فعلينا أن نعي أننا أمام مشروع كبير لا تنهض به الكلمات ولا النوايا ، بل لا بد من تعانق الإرادات على أرضية من محبة الطفل والثقافة. وطالب البحث الجهات الرسمية باتخاذ القرارات المناسبة وتقديم الدعم، أما المطلوب من الجهات غير الرسمية ممثَّلة في الأدباء ودور النشر الخاصة فهو أن تضع إطاراً للعمل يراعي أن الطفل اليوم يختلف كثيراً عن طفل الأمس في وعيه ومزاجه، فهو يعيش في عصر مفتوح يعج بالبريق والألوان، ولم تعد القصص الساذجة قادرة على جذبه إليها. ومن الأفضل لقاص الأطفال أن يتخصص في عمله ليعرفه من ألفه إلى يائه، ويتابع تطوراته في كل المجالات.

 

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار