دور الثقافة في تصويب مسار المجتمع المدني..  محاضرة في اتحاد الكتاب العرب باللاذقية

الوحدة 6-9-2022

ألقى الأديب والباحث حسين عجمية محاضرة قيمة بعنوان:

” دور الثقافة في تصويب مسار المجتمع المدني”، وذلك في مقر فرع اتحاد الكتاب العرب باللاذقية استهلها بدايةً، عن التربية والتعليم موضحاً الهدف الأساسي من التربية هو المساعدة في توضيح ما يجب على الإنسان أن يكون في هذه الحياة، حيث ذكر بهذا الخصوص أن التربية والتعليم من حيث هما بنية قائمة في المجتمع علينا توضيحها تماماً، وأفضل ما يمكن العمل به من أجل عدم الانجرار وراء المنافع الشخصية من خلال الكسب العلمي هو الابتعاد بغاياتنا عن الوسائل المتدنية لغاية العلم والتربية في واقعنا الاجتماعي وفي المجتمع التكنولوجي الحديث، يرى أكثر الناس التعليم والعلم هما وسيلة أساسية للكسب والارتزاق من خلال استخدام المناصب العلمية إلى الدرجة التي تؤدي إلى الشك في قيمة العلم ومعناه في خدمة الحياة  الإنسانية. فالعلم أصبح شركة عقلية لتحصيل المكاسب، وهذا يؤذي العلم في مهمته القائمة على إحداث التقدم والتطور في كافة مجالات الحياة، والتربية بحد ذاتها عليها أن تحمل معاني روحية لا معاني ارتزاقية.

وأكد الباحث عجمية أن أهم ما يمكن التأكيد عليه  احترام المهام المرتبطة بالعلم والتربية لأن المهمة الأساسية هو تحقيق الحد الأعلى من الاهتمام بالقضايا التربوية والتعليمية، وليس تحقيق الحد الأقصى من الكسب من خلال مزاولة مهنة التربية والتعليم، ويتزايد في الوقت الراهن البناء المعرفي في عقولنا وتغيير نظراتنا وتفسيراتنا لهذا البناء، وبالتالي لا يكفي تعليم اليافعين ضمن أوقات الدوام الرسمي ولا خلال مرحلة زمنية من العمر الفردي، ولكن عليهم المتابعة بالتثقيف الذاتي الدائم مدى الحياة. وأشار الباحث في المحور الثاني من المحاضرة إلى تمويل التربية والتعليم حيث قال بهذا المجال: إن قيام التفاعل الاجتماعي في منح فرص متساوية للفتيان والفتيات بفضل المعونات المالية المقدمة للتحصيل العلمي يؤدي إلى بروز شخصيات علمية لها وزنها التفاعلي في نظام المجتمع والدولة، ومهما يكن من أمر هذا النظام التربوي يتوجب عليه عدم التلاعب  بالمضمون التربوي لنظام الأجيال ويحترم عدم تحريف الواقع التربوي والتلاعب بمضمونه بشكل غير مباشر.

وفي المحور الثالث من المحاضرة  بيّن المحاضر تأثير الأدب في الثقافة موضحاً دور الأديب المهم في التأثير الثقافي على المجتمع وأهميته في تقويم وإصلاح الأحاسيس  البشرية وفقاً للطريقة التي يقوم بها  الأدب في معالجة المسائل المهمة في الحياة الاجتماعية.

كما ذكر” عجمية” تأثير الروائي الروسي العظيم تولستوي في القرن التاسع عشر في إيقاظ الضمير عند الأقلية الغنية لتقوم بتغيير نهجها في إصلاح المجتمع. فقد كان هذا الروائي يكتب بعفوية لإشباع دوافعه في إنتاج الأدب الإبداعي وأدرك فيما بعد أن الفنان و الأديب يجب أن ينذر عبقريته من أجل تعزيز الخير الاجتماعي.

وفي المحور الرابع والأخير تحدث المحاضر عن المثقفين والعلاقة مع الجماهير مشيراً أنه إذا كان المثقفون هم الطليعة الفكرية في نشر الثقافة فإن الجمهور هو الحاضن الجمعي لهذه الثقافة، والعلاقة بين المثقفين والجماهير هي علاقة تبادلية وليست فوقية.

فالبشر هم أنفسهم قبل أن يكونوا في جماعات تمايزية وقد لا يكون الفيزيائي أو الطبيب المحترف قادراً أن يضاهي زوجته في إدارة شؤون المنزل وليس هناك من حق اجتماعي يمنح الفيزيائي قيمة كبيرة على غيره من البشر لأن أفضل السمات في البشرية هي سماتهم الإنسانية المشتركة وعلى الإنسان أن يكون إنساناً قبل أن يكون أي نوع من البشر أبيض أو أسود.

وذكر الأديب عجمية في نهاية محاضرته أن من أعراض المرض الاجتماعي عندما ينقسم المجتمع إلى طبقة مثقفة وجماهير ويشعر كل قسم من هذا التقسيم بأنه غريب عن الآخر وهكذا تتسع الفجوة بين المثقفين والناس العاديين وعلى الرغم من أن المثقفين يستخدمون أفكارهم ومعرفتهم من أجل المساهمة في الحياة العامة للمجتمع عليهم المحافظة على المشاعر القوية في  تحقيق علاقة ارتباطية مع الشعب وإلا فإنهم يحرمون أنفسهم من قاعدة شعبية يستندون عليها، وعندما يبتعد المثقفون عن الجماهير فإنهم يفقدون الاتصال بالحقائق العامة في الحياة الإنسانية وتتجه العقلية الجماهيرية إلى حرمان نفسها من ثقافة المثقف والتي ينبغي أن تكون سهلة ليعرف كل إنسان ما يحتاجه لنفسه.

وختم المحاضر حديثه بالقول: الظروف الحياتية في الواقع الراهن تتبدل بشكل كبير على مدى العمر النسبي للفرد، وهذا ما يجعلنا نحتاج إلى الاستمرار في تكييف أنفسنا مع هذه التبدلات، وبالتالي إن التعليم المستمر هو الواقع المناسب لمعطيات التبدلات السريعة في العصر الراهن ويمكن أن يكون التعليم مثيراً في سن الرشد أكثر من مرحلة المراهقة ومما لاشك فيه هو احتياجنا اليومي في إظهار إنسانيتنا المشتركة وأن نعيش معها كأسرة واحدة وأن نكون قادرين على بناء وجود مشترك قائم على الثقافة والعلم والأخلاق.

 

ندى كمال سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار