الزيت وزيتونه و ( أسعاره ) تحت مجهر المستهلك

الوحدة: 11- 8- 2022

الأنانية موجودة لدى النفس البشرية بالفطرة، لكنها تتفاوت من شخص إلى آخر، وهذا ينطبق على المواطن المستهلك والفلاح الشقي الذي يُمضي أغلب وقته بالكدّ والتعب، وتتجلّى الأنانية بالرغبة العارمة بأن يصبح زيت الزيتون بأدنى مستوياته السعرية، على حساب صاحب الرزق الذي يكدّ بأرضه حتى المساء في قطاف الزيتون الذي يُعد من أصعب عمليات الجني وأقساها، حيث يعوّل على تجارته الكثير .

وبما أننا مُقبلون على موسم فريد من الزيتون، يتبادر إلى أذهان الكثيرين أن الوضع الخاص بأسعار الزيوت قد يتغيّر للأفضل، وتحديداً فيما يخصّ عبوة الزيت (بيدون ٢٠) التي تأخذ أشكالاً وأسعاراً متذبذبة بين منطقة وأخرى ونوع وآخر، ولكن المهم أن تبقى حالة الطقس ملائمة إلى ما بعد الجني، لأن هذا العام استثنائي تماماً بما يخصّ غضب الطبيعة لا قدّر الله، فقد رأينا عواصف وأعاصير بغير وقتها، ثم تتالت بعض موجات الحرارة وبالتالي الحرائق، لكن ما يهم المستهلك أن يتغير الحال للأفضل بالنسبة للأسعار، حتى يتسنّى للكثيرين تناول الزيت البلدي الصحّي الخالي من استقلابات الصناعات الخارجية ومزاجية عملاتها الصعبة، مع العلم أن هناك صيحات بين حين وآخر بما يخص عمليات تصدير هذا المنتج المحلّي، الذي بدوره ينعكس على استقرار الأسعار إن لم تأخذ طور الصعود الآخر نتيجة هكذا تصريحات، وهنا الطامّة والمقتلة بالنسبة لمن لا يمتلك شجرة هذا الترياق، أضف إلى ذلك فإن أجور عمليات العصر هذا العام ستتغيّر طرداً مع توفر الوقود الخاص بتشغيل محركات الديزل التي ستُقلع بالمعاصر، وبالطبع هذا حقّهم إن لم يتم تدارك هذا الوضع من قِبل المعنيين، وضرورة تأمين الوقود الكافي بأسعار مناسبة، لأن عمليات تشغيل تلك الآلات ستكون على مدار الساعة بسبب كثافة المحصول والإنتاج، فهل سنشهد انخفاضاً على الأسعار كما يحصل على باقي السلع التي تتهاوى بعد توفّر كميات جيدة منها ؟

وهنا كان لنا لقاء مع أحد باعة المادة في شارع سوق الريجي القديمة (متجر الزّيات) من المختصين بتجارة الزيت الأصلي وتُعدّ صنعتهم الفريدة، حيث يقومون بتعبئة منتجهم بعبوات متنوعة نقية يخرج منها عبق الزيت الحقيقي الخارج لتوّه من المعصرة ليكون بمتناول الجميع ، والمفارقة بالموضوع أنهم يبيعون الليتر من زيت الزيتون ب ١٥٠٠٠ ل.س أي بما يعادل الّليتر الآخر من زيت دوار الشمس وغيره، ولدى الاستفسار عن ذلك أكّدوا اقتناعهم بهذا السعر مع العلم أن المواطن يفضّل الزيت الأبيض الخفيف لاستعماله بالقلي، وهنا يؤكد أصحاب هذا المتجر أن أهاليهم منذ الأزل يفضلون القلي بزيت الزيتون نظراً للفائدة الموجودة به إضافة إلى استعماله بأمان لعدة مرات على عكس الزيت الخفيف الذي يتلاشى بعد عملية القلي الأولى منه، ويصبح مهيئاً لأضرار مختلفة، وبما يخصّ الأسعار أكدوا أن هناك الأجور التي  يتقاضاها عمّال الجني وكذلك أجور النقل وعمليات التعبئة والعبوة الصحية عالية السعر، وهذا ينعكس على الأسعار قليلاً لتعويض بعض الخسائر، مع العلم أن أسعارهم ثابتة ولا يحبذون التلاعب السعري والارتفاعات المطّردة للمواد الأخرى بالسوق والتي تتحرك بمزاجيات التجّار وطمعهم.

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار