الوحدة : 11-8-2022
حملت قرية ديرتوما اسم الدير الأثري الشهير الذي يقوم فيها، والذي يعود تاريخه إلى القرن الخامس أو السادس الميلادي، وقد بني لإقامة الرهبان فيه بينما كانت الكنيسة واقعة إلى الغرب القريب منه. وتوما هو قديس عاش في القرن الميلادي الأول، مرّ في المنطقة وهو في طريقه إلى الهند واسمه يعني التوءم، ويذكر اسمه هذا بالكنيسة القائمة في بلدة كسب اليوم، والتي تحمل اسم كنيسة القديس توما أيضاً. يعد دير توما الصغير فنياً،تحفة معمارية جميلة بطراز بنائه وهو مبني من الحجر الكلسي النحتي المجلوب من مقالع المنطقة على نمط العقود أو السقوف المقببة، شكله مستطيل وجدرانه عريضة وسطحه ترابي وعلى واجهته ومدخله الغربي زخارف نباتية ورسوم وكتابات وفي جدرانه نوافذ ضيقة أعدت للإنارة والتهوية. يقوم في وسط سقف الدير حجر وحيد متميز نحتت عليه الصلبان يقال إن هذا الحجر هو مفتاح السقف أو أساسه، وما إن يخُلع من مكانه حتى ينهار السقف كله وثمة قبر طويل في القسم الخلفي للدير يسمى مقام الخضر. ودير توما مهجور اليوم، وقد تم تسجيله كموقع أثري من قبل دائرة آثار اللاذقية منذ عام 1959م ثم قامت الدائرة بترميمه عام 2005 م. ويقوم الدير على هضبة صخرية ترتفع 935 متراً،وتحيط به غابة من أشجار السنديان المعمرة تزيده جلالاً وجمالاً. يجل أهالي القرية المسلمون هذا الدير ويحيطونه بالاحترام،وطالما رمموه وعمّروه، عندما كان يتهدم على نفقتهم الخاصة كما كانوا يطينونه ويعمرون سطحه الترابي، ويدخلونه شتاء كيلا يتلف، ويردعون كل من يعتدي عليه أو يعبث به وذلك في سلوك وطني إنساني عظيم، ذلك إلى درجة أن المختار الأسبق قد أوصى المختار السابق وهو يسلمه خاتم المختارية بالقول: إياك والدير، إياك والجفنة والجفنة هذه هي غابة من السنديان لا ضرار فيها، فالدير كآثار والجفنة كأشجار هما مفخرة القرية وأجمل ما تملكه. وتتألف قرية ديرتوما من ثلاث حارات وتتبعها ثلاث مزارع هي: الكنفة، القليعة، المصيطفة وهي تتبع جميعاً ناحية صلنفة- منطقة الحفة وتقع على بعد 12 كم إلى الشمال الغربي من بلدة صلنفة، هذا بينما يتدرج ارتفاع القرية ما بين 860 -950 متراً، وديرتوما قرية خصبة ذات عيون وينابيع.
حيدر نعيسة