الوحدة: 9- 8- 2022
التداوي بالأعشاب هي مهنة قديمة مارسها الكثيرون عبر العصور، تحت قناعة أن لكل داء دواء يستطب به، فكانت لمعظم الأعشاب التي تنمو في بيئتنا ميّزة خاصة بها يمكن أن تكون بلسماً حقيقياً لشفاء وجع أو علّة معينة من الجسم البشري، وحتى الآن هناك الكثير ممن ورثوا هذه المهنة الإنسانية وتناقلوها أبّاً عن جد، ولا زالوا يحافظون على قيمتها، لكن بشكل محدود نظراً للثورة الطبية البشرية الحديثة، فمنهم من برع بعلاج آلام المفاصل وكذلك المجاري الهضمية والبولية، ومنهم من وضع حداً لندبات الحروق بدرجاتها، وعلاج الكثير من الأمراض الجلدية باعتبار أن جسم الإنسان يتعرّض للكثير من التداعيات الخطيرة والمكشوف مباشرة لتلقّي التلوّث والآفات .
وعند ذكر مصطلحات التداوي بالأعشاب، أو كما يُعرف بالطب البديل يتبادر إلى أذهان الكثيرين قرية بسنادا، وتحديداً عائلة (رنجوس) فقد اقترن التداوي بالأعشاب باسم هذه القرية، حيث نالت شهرة محلية تعدّت المحافظة، آخذة بالتمدّد والتطور بمهنية وحرفية عالية إلى خارج الحدود، فأفراد تلك العائلة التي مارست هذه المهنة عن جدارة (الخاصّة بالحالات الجلدية فقط) كالحروق بدرجاتها والتشوهات الجلدية والأكزيما والثعلبة، بارعون جداً بمهنتهم، يتعاملون بإنسانية خالصة مع حالات الفقر لبعض المصابين، معاهدين أنفسهم على معالجة جرحى الجيش و العسكريين الذين تعرّضوا لشتى أنواع الإصابات الجلدية الناتجة عن الانفجارات الحارقة والغازات بالمجّان، حيث كان من المفترض قيام المعنيين بتبنّي هذه المهنة والقيام بتشجيع أصحابها وتهيئة أجواء وظروف مناسبة لممارسة فن التداوي بالطب البديل الذي يعتمد على الحرفية المتناهية بخلط الأعشاب والمستحضرات الطبيّة وتحضيرها على شكل كريمات بغاية الدقة ..
الجدير بالذكر أن هناك حالات مرضية جلدية مستعصية لجأت إليهم بعد فقد الأمل بأدوية الطب الحديث، وخاصة القدم السكري والخشكريشة، فتم الشفاء الكامل لتلك الحالات مع غياب كامل لآثار المرض وندباته، علماً أن هناك مراكز أبحاث طبية علمية أشادت بخبرتهم وقدرتهم على معالجة أصعب الحالات الجلدية مستحيلة الشفاء .
هذه الحالة العلاجية الخاصّة في مدينة اللاذقية تعمل جنباً إلى جنب بكل براعة وإتقان مع المؤسسة الوطنية الطبية الكبيرة والمتمثّلة بمديرية الصحّة التي نُكن لها كامل الاحترام، فهذه المهنة تعدّ مصدر رزقهم الوحيد في ظل ظروف اقتصادية صعبة، إضافة لكثير من العاملين بذات المجال حالاتهم متشابهة في المشروع السابع وآخرين في الدروقيات والبهلولية والدعتور، وخارج المحافظة في منطقة محردة وكذلك في دمشق وأعداد كبيرة في مدينة حلب وجميعهم يتعاملون بأدوات الطب البديل، ويؤكد أفراد العائلة (رنجوس) أن هناك حالات كثيرة مستعصية مؤمنة بالطب البديل لجأت إليهم وقد أثمرت نتائج إيجابية باهرة، مع العلم أن معظم العقاقير الطبية التي يتم استخدامها والتعامل مع ميزاتها العلاجية عبر وصفات الطب الحديث هي مستخلصة من الأعشاب لكن بنسب دقيقة جداً تشابه أدوية العلاج الأخرى في الطب الحديث، وبالتالي فإن كلا الطرفين الطب البديل والحديث مكملان لبعضهما البعض وهذا يشجّع على التعاون الكلي فيما بينهم، من حيث تبادل الآراء والخبرات وكل جديد على الصعيد العلمي والثورات الطبية واكتشافاتها المتلاحقة، علماً أنه تمت دعوتهم من عدة جهات خارجية للاستفادة من خبراتهم، لكنهم فضلوا البقاء والتمسك ببلدهم التي قدّمت لهم جلّ الخدمات والرعاية منذ صغرهم، مؤكدين أن خدمة أطفال ومصابي بلدهم أغلى لديهم من جميع المغريات المادية والحياتية والهروب من الواقع الصعب الذي يعيشه أبناء البلد بسبب الحصار المطبق والضائقة الاقتصادية.
سليمان حسين