الوحدة: 1-8-2022
السياحة بقدر ما هي صناعة رابحة ورائجة في قلب العالم اليوم فهي بالدرجة الأولى فن حقيقي، ولعل من أهم و أبرز مواصفات هذا الفن ليس فقط الجمال فحسب، و لكن هناك عنصر الإبداع أيضاً و يصبح الجمال بعينه في هذا الإطار مسألة نسبية أو وجهة نظر على أقل تقدير. فالمهم في بيت القصيد هو الإبداع و التجديد المُبتكر، ولا يكفي أن يمتلك أي بلد آثار الدنيا و أوابد التاريخ و عجائب الزمان المُبهرة حتى تأتي إليه السياحة و تعج مرافقه و منشآته بالأفواج المُتلاحقة، بل ربما لا يملك من كل ذلك شيئاً أبداً، و تأتي إليه تيارات كاسحة و أمواج عالية من أفواج السائحين المُنقطعة النظير. من شبه المعلوم بأن السياحة ليست آثاراً تاريخية فحسب، بل هناك سياحات كثيرة الأشكال وعديدة الأوجه مثل سياحة المؤتمرات والمهرجانات والرياضة و الطبابة و الفن و غيرها الكثير. و يجمع بين كل ذلك عنصر مهم و حيوي و هو الابتكار، و يتبعه لاحقاً عناصر التجديد و الاحترافية و المهنية العالية التي تسير بالمجتمع نحو بلوغ أهدافه و سمو مكانته و رفعة أغلب أفراده، و يُؤكد خبراء السياحة بأن تداخل ﻭ امتزاج السياحة مع التاريخ القديم الذي ينبعث منه عطر الماضي العريق يُوقع بالزائر تحت وقع تأثير السحر الطبيعي البهي الطلة في التاريخ و الجغرافيا معاً، وكذلك يُبحر بالسائح إلى ملاحم العهود العريقة التي تُوفر له تنوعاً في المشاهد وصور المواقع لتبقى أبداً على الدوام محفورة في أعماق الذاكرة. من الضروري جداً الإشارة إلى أن روحية السياحة ليست فقط فنادق و مطاعم و خدمات مختلفة بأشكالها و أنواعها، بل هي بالدرجة الأولى سلوك مجتمع حيث تتوزع المسؤوليات على عاتق كل مواطن فليس هناك من شخص ما لا يتحمل عبئاً محدداً من المسؤولية في نجاح دوران عجلة السياحة، لأن الإحساس بالانتماء والوطنية و ترجمته العملية هي المصلحة الحقيقية لكل إنسان مواطن يُدرك و يتيقن بأن كل إيراد جديد لبلده سينعكس عليه بشكل أو بآخر حياتياً و معيشياً و كذلك خدماتياً ، و المسألة ليست أسلوباً نمطياً أو مجرد شعارات فحسب بل هي حقيقة واقعة يشعر بها المرء المُدرك لحقائق الأمور.
د. بشار عيسى