قراءة في مجموعة آراء… حول أدب الأطفال ومواكبته لتطورات العصر

الوحدة 30-7-2022

كيف نقدم لأطفالنا أدباً يشدهم ويواكب عصر التكنولوجيا وعلى من تقع المسؤولية.. ؟سؤال هام طرحه موقع ( عُمان ) عبر استطلاع أجراه بسام جميدة مع عدد من الكتاب والفنانين التشكيليين المهتمين بشأن أدب الأطفال من خلال ملف متميز يتضمن العديد من الأسئلة الجوهرية ، ومنها : ضمن المتغيرات العصرية وثورة التقنيات الحديثة التي باتت في متناول الجميع ومنهم الأطفال، ثمة سؤال يفرض نفسه بقوة، كيف نتعامل مع أطفالنا ونشدهم للثقافة والقراءة، وهل ما زال ما يقدم لهم من نمط ثقافي يناسب ذوقهم وينمي مداركهم ، في ظل ما يقدم لهم من مختلف صنوف التسلية الإلكترونية ، وهل بات الأديب العربي مطالباً بمواكبة هذه التغييرات…؟ وما الاقتراحات والبدائل حتى نبقي على أطفالنا مشدودين للثقافة بدل التوجه للألعاب الإلكترونية..؟
في البداية أكد الكاتب د. طارق البكري ، أن عالم الأطفال أصبح مغايراً لما كان يعرفه جيلنا ، اليوم نجد الآلة على أشكالها باتت تتحكم بنا، وباتت الطفولة أسيرة لهذه الآلة، بينما ما زالت مناهجنا وقصصنا وأنشطتنا ترسم الماضي وتحفر عميقاً بعيداً عن المستقبل، فالطفولة العربية بل العالمية كلها تعاني الواقع الذي نعيشه، بسبب الغزو الإلكتروني الذي أصبح يشارك أطفالنا حياتهم، ولم يعد للكثير منا سيطرة عليه حتى لو استطعنا في مراحل الطفولة المبكرة، لكن أسلحتنا تضعف مع مرور الوقت. وما نحتاجه حقيقة لتجاوز ذلك هو التعاون بين كثير من الجهات لتحقيق الغايات الكبرى، و ستبقى الطفولة أملنا لتحقيق هذه الغايات مهما كانت الصعاب.
في حين رأت الكاتبة د. وفاء الشامسية أن مواكبة التغييرات والانتقال بتروٍ إلى صناعة ثقافة الطفل الرقمية مطلبٌ أساسي يجب أن تتم العناية به، فالطفل لم يعد كما كان مكتفياً بما حوله من مصادر المعرفة ، بل أصبح يستقبل المعرفة في مختلف المجالات، وبشتى الطرق، بـ (كبسة زر). لذلك يجب أن نتعامل مع الأمر بحكمة وأن يتم إنتاج ما يناسب توجهات الطفل نحو العالم الرقمي. والتوازن يفرض أن ما يُنتج ورقياً يجب أن يكون بمعايير جاذبة ومناسبة لخصائص الطفل في عصرنا الحاضر، ولا بأس أن يأتي الكتاب الرقمي مكمّلاً لدور الكتاب الورقي طالما أن الأهداف واحدة.
الكاتبة د. حصة العوضي ، قالت : إن التكنولوجيا انطلقت من عقالها، بشكل سريع، لتصبح جهازاً صغيراً والجميع يستخدمونها ولا يمكنهم الاستغناء عنها. من هنا اتجه الصغار والذين كانوا يعتمدون على المطبوعات الورقية في تعليمهم وثقافتهم إلى حمل هذه الأجهزة واستخدامها في كل شؤون حياتهم، وخاصة أنها تتجه إليهم بالصوت والصورة والحركة، وتقدم لهم شتى احتياجاتهم التعليمية والترفيهية … . ورغم أن المجال أصبح محتكراً للإلكترونيات بكافة أنواعها، فما تزال للورق أهميته، ولا زلت مؤمنة بقيمة الكتاب الورقي المعنوية والحميمية بينه وبين القارئ، ولا يزال بعض الآباء يصحبون أولادهم للمكتبات ويقدمون لأطفالهم كتباً مكافأة لهم على إنجازاتهم وتفوقهم.
أما الشاعر جليل خزعل ، فأكد أن الطفل يتفاعل مع القصة والشعر المناسبين له وهما ضروريان جداً لتنمية ذائقته الجمالية، ويسهمان بشكل فاعل في إثراء قاموسه اللغوي واتساع معارفه، وتربيته، فالثورة التقنية والاتصالية لا تمنع الطفل من التفاعل مع النص الأدبي الجميل، على العكس ممّا نتصور هي أسهمت في إضافة وسائط جديدة لتقديم أدب الطفل… صحيح أن المقارنة بين أطفال اليوم والأمس فيها شيء من الصعوبة لاختلاف الظروف السائدة، لكن تبقى سمات الطفولة وقواسمها المشتركة واحدة ، وعلى كاتب الأطفال أن يفهم طبيعتهم كي ينجح في مهمته مهما اختلفت وسائط التواصل مع القرّاء.
الكاتبة ناهد الشوا ، رأت أن أدب الطفل ما زال يحبو في العالم العربي. وأن الكتاب الإلكتروني لا يمكن أن يكون بديلاً حقيقياً عن الكتاب الورقي. وتراجع نسبة اقتناء الكتب المطبوعة لن يلغي انتشارها لكونها لا تزال جزءاً من العملية التعليمية. ولا بد أن نجد وسائط جديدة لتصل بشكل ملفت وجذاب للطفل الذي يمسك يومياً الأيباد والهاتف. الوقت الحالي السريع أضحى يفرض على كتاب أدب الطفل تغيير مضامينهم وشكلها حتى تتماشى مع المتخيل الجديد، فالطفل يحتاج أدباً يعتني به ويراعي أحاسيسه ورغباته وطموحاته بحيث يقدم العمل الأدبي إجابات لأسئلة الطفل حتى من الناحية الفنية والجمالية للكتاب، لأن الذائقة الجمالية تبدلت، وعلينا أن نساير الحداثة في هذا المضمار.
وحسب رأي الفنان التشكيلي رامز حاج حسين، فإن كتاب الطفل ومجلاته الورقية بات ضمن دائرة البحث والتنظير في موجة الهجوم الطاغي لوسائل التقانات الحديثة التي باتت في متناول كل طفل تحمله لعوالم من الإبهار والجذب عالية التأثير – فصار لزاماً على المتصدين للمشهد الثقافي للطفل أدباً وفناً أن يغيروا مفردات تعاطيهم مع الطفل من ناحية اللغة أولاً والارتقاء بها لما يتناسب مع الطفل وهواجسه وتطلعاته في هذا العصر، ومن خلال اللوحة والألوان وطرائق الشد المختلفة لذائقته من طباعة جميلة وأنيقة وشكل مميز للكتاب أو المجلة، ولا بد من المحافظة على روح الحالة الوجدانية بين الطفل والكتاب الورقي، وعيننا على التطوير بحيث ننقل له أيضاً نسخة من هذا المحتوى من الورق نحو التقانات والتطبيقات والتصفح الإلكتروني فنحقق بذلك مزجاً مقنعاً له.
في الختام ، أكدت الكاتبة شيخة الزيارة، أن لكل كاتب هوية وخط يتميز به، لذا من المهم أن يكون الكاتب مواكباً للزمن ومتسقاً مع المتغيرات التي تحدث حوله ، حيث إنه من المهم أن ينمي معارفه ويطور من أدواته ومهاراته التقنية والفنية ، والأهم التعلم من الطفل نفسه للتعرف على ذائقته. وما زال الكتاب التقليدي وسيبقى يشكل قيمة مهمة ولا نريد أن نفقدها ولكن إذا ما تمت الاستعانة بالتكنولوجيا معه فقد تصل المادة الثقافية بشكل مضاعف وفعال ، وإن توفرت للكاتب فرصة لصنع القصص من خلال التعلم باللعب فإنه بذلك يكون قد اجتاز تحدياً كبيراً.

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار