أم معارك الشرف ميسلون والعظمة شهيدها

الوحدة:24-7-2022

بعد معاناة طويلة جراء الاحتلال العثماني والجور والتجبّر الذي لحِق بأبناء وطننا على امتداده، الذي استمر نحو أربعة قرون من الظلم والعبودية واستنزاف الخيرات وانتشار الجهل وتكريس الأمية بهدف إبعاد الناس عن مطالبتهم بحقوقهم ونبذ الاستعمار البغيض الذي عاث فساداً على أرجاء البلاد الوسعة، إلى أن اشتعلت الثورات العربية رافضة هذا الواقع المرير، مطالبة بإعادة الحقوق لأصحابها الشرعيين فكان لهم ما أرادوا عبر المقاومات الشعبية الرافضة لذلك الوجود البغيض حتى خرج ذليلاً تاركاً خلفه إرثاً كبيراً من الضعف والفقر بسبب سياسته الرامية إلى إضعاف العزيمة والخنوع، ولم يهنأ شعبنا بحريته ونشوة استقلاله حتى أتى الانتداب الفرنسي، وعبر مؤتمر (سان ريمو) قرّر المستعمرون تقسيم المنطقة إلى أربع مناطق تخضع بموجبها سورية ولبنان للانتداب الفرنسي .. فبدأ أمير البلاد فيصل (الضعيف) بمناشدة الوطنيين والتطوع للذّود عن حياض البلاد وتشكيل جيش من الوطنيين يضمّ مجموعة من الضباط والجنود والمدنيين بعد أن حُلّ الجيش بناء على أوامر بتخفيض تعداده .. وعبر إنذار غورو الشهير وبنوده التي من شأنها قبول الانتداب بدأت جحافل الجيش الفرنسي تتوّجه نحو دمشق لاحتلالها قادمة من لبنان، حينها كان القائد يوسف العظمة وزيراً للحربية فقرّر ملاقاتهم في منطقة ميسلون البلدة المتاخمة للحدود اللبنانية، لإبعاد المعركة والدمار عن مدينة دمشق وأهلها، فقام بممارسة خبرته التي اكتسبها من الحروب العالمية، فزرع ألغاماً في طريق المهاجمين وأمر بتفجيرها إلا أنّ الأسلاك تقطّعت، فوقف مدافعاً بشموخ على رأس الجيش السوري الصغير وتعداده نحو ثلاثة آلاف من المقاومين المدافعين عن شرف البلاد، يقابلهم أكثر من عشرة آلاف جندي فرنسي تساندهم الطائرات والمدفعية والعربات في معركة غير متكافئة دامت ساعات وخلالها استُشهد الوزير يوسف العظمة ليكون أوّل وزير دفاع يسقط بمعارك الشرف والوطنية مدافعاً عن تراب بلاده في ميسلون يوم ٢٤ تموز ١٩٢٠، وبذلك دخلت سورية مرحلة الانتداب الفرنسي .. فهذه هي سورية أرض العزّة والتضحية ومصنع الأبطال، تاريخها مليء بالحروب ومعارك الشرف، يستبسل رجالها بالدفاع عن قُدسية التراب، شجاعتهم لم تترك المغتصب يهنأ بعيشه واستبداده، والشهيد يوسف العظمة كان أحدهم، خسر حياته لأجلها بعد أن سطّر بدمه مواقف بطولية خالدة ليُنير بجسده مقبرة ميسلون للشهداء، فتم تكريم أسمه وتخليده في الكتب المدرسية والشوارع والساحات عبر نصبه التذكاري في منطقة المهاجرين بدمشق لما قدّمه ليكون نبراساً ومثلاً يحتذى على مرّ العصور .

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار