الوحدة 23-7-2022
هل طرح أحدنا على نفسه يوماً هذا السؤال : ما الذي يجعل الناس أكثر قلقاً وبؤساً وتعاسة وأقل أماناً في زمن تبدو الأمور أكثر وفرة وإنجازاً وتحققاً؟
لماذا نبدو غير سعداء في عصر امتلكنا فيه كل أسباب السعادة من رفاه اجتماعي ومجتمعي وإنساني ومادي؟
كل منجزات العلم الحديث سخّرت لإسعادنا نحن البشر الذين ولجنا هذا القرن من عمر الزمان، فامتلكنا ما لم يمتلكه أحد قبلنا من البشر، بحيث أمسى التنقل عبر المدن والدول والقارات متاحاً وممكناً وسهلاً، وصار الاتصال مع أشخاص على الطرف الآخر من الأرض متاحاً وممكناً، وغيره الكثير الكثير الذي اختص فيه هذا العصر، عصرنا المعاش الذي حقق ربما ما لم يكن يخطر في البال، ومع كل ذلك يمكن ملاحظة أننا فقدنا أو نفقد كل يوم ومع كل منجز علمي إنساني حضاري بعض سعادتنا، أو راحة بالنا، مع أنه المفروض أن يكون العكس تماماً، هي أسئلة لم يتطرق ربما إليها إلا القليل من المفكرين والكتاب والفلاسفة وعلماء الاجتماع والأدباء للإجابة عليها، وربما كان “مارك مانسون” أحدهم أو أولهم، حين ألف كتابه “فن اللامبالاة لعيش حياة تخالف المألوف” في سنة 2016 .. الذي حقق إقبالاً هائلاً في كل أصقاع الأرض وبيعت منه ملايين النسخ، ثم يأتي الآن كتابه الجديد وهو أيضاً مخالف للمألوف، يتوقف عند مسألة الأمل، ورعاية الأمل .. وتنمية الأمل، وقد وضع له عنواناً لافتاً “خراب” على الرغم من أن موضوعه هو الأمل، بحيث يعتمد الكاتب في هذا الكتاب على أبحاث ومنجزات علم النفس، وبعض الأفكار الحكيمة الخالدة لعدد كبير من المفكرين والفلاسفة، فيتطرق إلى القضايا السياسية والأديان وعلاقتها مع رؤوس الأموال وثورة العلم الحديث من اتصالات وعالم الترفيه والتسلية المجتمعية وسواها، وكيف يمكن الاستغراق بأمور حسنة يمكن أن تقودنا إلى التعاسة وتنتهي بنا إلى كثير من الأمراض والعاهات النفسية والروحية والجسدية، عبر مفهوم خاص به حول السعادة والإيمان والحريات العامة والخاصة، وينتهي بنا إلى القول: إنه لا بد من زراعة وصيانة الأمل.
“خراب” : تأليف مارك مانسون..
ترجمة الحارث النبهان..
د. رفيف هلال