الوحدة : 20-7-2022
ثمانينيات القرن الماضي، كانت أغلب القرى المتناثرة في جبالنا البعيدة تعيش على عادات وتصرفات تشبه إلى حدّ كبير عمليات المغامرة والصيد الّليلي في ظلّ غياب شامل للكهرباء، لكن صيد بشكل مختلف، حيث يستنفر شباب تلك القرى في سهرات تلك الّليالي ويقومون بتشكيل مجموعات صغيرة برفقة ضوء (اللوكس) زعيم الإنارة خلال تلك المرحلة للقيام بالبحث عن الحلزون بين صُخور تلك الجبال والهضاب البعيدة، كنّا نُراقب تحرّكاتهم التي تشبه النجوم في عتمة حالكة، كان الأمر للصّيادين يبدو بشكل طبيعي ومستهجن مخيف لدى أهاليهم، بسبب تواجد الضباع والمُفترسات في تلك المرحلة، فيكتمل مشهد الرعب عند تعطّل اللوكس أو انكسار زجاجته الرقيقة فتبقى الأصوات المصطنعة من قِبلهم هي السبيل والدليل، لنستيقظ صباحاً على مشاهدة غلالهم من تلك الكائنات الصغيرة التي تحاول التسلّل ببطء خارج الأواني .. كان جمْع تلك القواقع بمثابة صيد ثمين يتم بيعه في المدن الكبيرة والمتاجرة بغلاله الوفيرة القادمة من شتى القرى، حيث كانت هذه العملية مصدر رزق جيد للكثير من هواة تلك الرحلات الّليلية. ومن خلال ذلك نصل إلى المهم في هذا الموضوع، وهو مصنع تعليب الحلزون في قرية برنة (المُغلق) الذي كان يصدّر إنتاجه لأغلب الدول وأهمها فرنسا، إضافة إلى تشغيل أعداد كبيرة من العاطلين عن العمل أو دعم المردود المادّي. كان (للوحدة) وقفة على أطلال ذلك المصنع المغمور، حيث تم البحث بين الأهالي عن سبب إغلاق تلك المنشأة ووأد تفرّد اللاذقية بهذه الصناعة المجّانية وجدواها الاقتصادية الكبيرة من خلال تصدير المنتج إلى الغرب الأوروبي وعملته الثمينة، حيث أكد أهالي قرية برنة أن هذا المعمل تم إغلاقه منذ سنين طويلة نتيجة وفاة صاحبه المتزوج من أجنبية التي بدورها قامت ببيع هذا المكان، ومن ثم هجرتها لموطنها الأصلي، ليتم بعدها قتل إحدى أهم الصناعات الفريدة الخاصّة، والتي تشبه إلى حدّ كبير معملي الحرير في منطقة الدريكيش الخاص والحكومي . حياة هذا الكائن : يُفضل الحلزون العيش قرب الماء وفي البرّ بمناخ معتدل ورطوبة عالية، ويتغذّى على المحاصيل الزراعية ومزروعات الحدائق، وتشتهر به فرنسا وإيطاليا وبلغاريا، ويُعد لحم الحلزون عندهم من الأطعمة الشهية للغاية فضلاً عن قيمته الغذائية العالية فعملوا على إنشاء مزارع لتربيته، وهو مفيد جداً للصحة، حيث يقي من الإصابة بكثير من الأمراض، ويحتوي على عناصر غذائية غنية ونسبة عالية من البروتين والحديد فضلاً عن احتوائه على أحماض جأمينية وعلى قدرٍ ضئيلٍ من الدهون، هكذا يقول محرّك البحث.
سليمان حسين