العدد: 9325
2-4-2019
إن علمي التاريخ والآثار يهدفان إلى البحث والتحليل والتوثيق، ومعرفة الوسط الطبيعي والاجتماعي للإنسان وسلوكه وإبداعاته وعقائده وطقوسه وعاداته واحتفالاته وفنونه، وقد أكدت لنا المعطيات والشواهد الأثرية التي قدمتها لنا قرى ومواقع عصور ما قبل التاريخ العائدة إلى مليون عام بأن إنسان الهومو إركتوس (إنسان منتصب القامة) الذي سكن على ضفاف الأنهار الكبرى كنهر الكبير الشمالي ونهر العاصي والفرات وحوضة البادية التدمرية وكهوف ومغاور جبال الكرمل في فلسطين، ومن بعده إنسان النياندرتال العائد إلى مائة ألف عام حيث ترك لنا آثاراً في موقع كهف الديدرية بريف حلب ومنطقة وادي عفرين، والآثار التي عثرنا عليها على ضفاف النهر الكبير الشمالي في قرى الشير وروضو، وآثار الإنسان العاقل قد أشارت إلى وجود الأسرة ككيان اجتماعي ضمن محيطهم المادي، بهذه المقدمة استهل الدكتور بسام جاموس محاضرته التي حملت عنوان: طقوس الزواج في الحضارات السورية القديمة، وذلك في صالة الجولان بمقر فرع اتحاد الكتاب العرب في اللاذقية.
في مادتنا الآتية نسلط الضوء على أهم ما جاء فيها من معلومات أوضحت عراقة حضارتنا…
بداية أكد المحاضر على الدور الاجتماعي والاقتصادي للمرأة الزوجة – الأم حين تزين متاحفنا ومتاحف العالم تماثيل الربة الأم – الزوجة الذي أظهر فيها الفنان مراكز الخصوبة والجمال والتجدد حتى وصلت إلى درجة العبادة وأطلقوا عليها الآلهة الأم المقدسة، وهذا ما أكد ظهور النظام الأمومي في العصر الحجري الحديث (الألف الثامن قبل الميلاد).
ثم استعرض د.جاموس هذا الدور في الحضارات، ففي العائلة الآرامية كانت متحدة وكان هناك لفظة أخي – أختي – الأولاد – التعاون، وفي شريعة حمورابي المادة /128/ لو اتخذ رجل زوجة له ولم يعقد عليها هي ليست زوجته، والمادة /138/ لو رغب الزوج طلاق زوجته الأولى التي لم تحمل يعطيها مالاً بقيمة هدية زواجها، ويرد لها المهر التي جلبته من بيت أهلها، أما قانون آشور /24/ إذا هربت امرأة متزوجة من زوجها ودخلت بيت آشوري، وبعد أيام يستردها الزوج كان يحق للزوج تشويهها، أما المرأة المضيفة التي استقبلتها تقطع أذنها، أو يدفع زوجها مقابل عدم قطع الأذن، المادة /34/ لو تساكن رجل مع أرملة دون عقد زواج وأقامت عنده سنتان تصبح امرأة شرعية (زوجة)، وهناك قانون حثي: إذا توفيت زوجة رجل وتزوج أختها لا يعاقب وذلك يعني إن الأم الزوجة كانت تحظى بمكانة هامة وعظيمة، وفي إنجيل متّى 5: : خلق الله في البدء ذكرً وأنثى، الزواج في المسيحية: سر – وعند الإسلام ميثاق.
ثم استعرض المحاضر أنواع الزواج عبر العصور:
زواج الرهط – زواج الشفار: ظل حتى قدوم الإسلام ونهى عنه الرسول (ص) أن يزوج الرجل ابنته أو أخته مقابل أن يزوجه الآخر بدون مهر.
زواج المباضعة: كان الرجل الزوج يرسل زوجته إلى محارب شديد قوي لتحمل منه ليأتي المولود القوي.
الزواج المفتت – الضيزن : أن تتزوج المرأة بعد وفاة زوجها ابنه البكر كانت تضع فردة حذاء الأكبر على بابها، أي قبلت الزواج، مع تطور الدين – الزواج الشرعي – المدني – زواج المتعة – المسيار كضمان أولادها في حال زواجه من امرأة أخرى.
النص ضمن راشابور حق زوجته بيدايا وأولادها في حال تزوج من أخرى، يحق للمرأة الزوجة الدخول في المجال الاقتصادي، حق انتساب الأولاد والأبناء للأم الزوجة الرقيم Rs.17.215 ، أثناء غياب الزوج طويلاً تقوم المرأة بتقسيم الميراث أي حق الأم بتوريث أولادها، الزوج كان يعطي زوجته ميراثاً وإرثاً قوياً ليحميها قبل وفاته خوفاً من الابن البكر، أو أن يجير عليها الزمن، كان هناك حضانة للأولاد، وفي حال الطلاق حق المرأة بالتبني، كان للزوجة الملكة مقر إقامة – قصر الملكة: ملكات أوغاريت مثلاً، وهناك رسائل شاعرية أوغاريتية إلى الأم، بالمقابل كان هناك حماية الأرامل من ملوك أوغاريت – انتشار ظاهرة زواج أرملة الأخ (مستمرة) من أجل الميراث ونقاء الدم، المطلقات، الفتاة العذباء، وحماية النساء من قبل ملوك أوغاريت حيث حصلت الزوجة الأوغاريتية على حق الإرث من زوجها، وعلى ضمانات أثناء وقوع خلاف.
كما تحدث د. جاموس عن إجراءات الزواج حيث كان العيس يرسل لأهل العروس لطلب يدها للزواج، ويرافق الاحتفالات وعقد القران صلوات ودعوات وسكب الزيت فوق رأس العروس – التطهير الاحتفالي، التوجه: العريس والعروس إلى المعبد مع موكب من الأصدقاء والأهل والمباركة من الكاهن وكان يوجد المغنون والعازفون، الولائم – شرب الخمرة – التهنئة.
واستعرض د. بسام الزواج في مملكة ماري (دير الزور) حيث كان هناك زوجات رئيسة تتبع للملوك، وزوجات أميرات ومن أشهر الزيجات: زواج ملك ماري زمري ليم وشيبتو ابنة ملك حلب ولهذا الزواج خصوصية سياسية واجتماعية، الزواج في إيبلا: ازدهرت المملكة (شمال غرب سورية)، حدث زواج ملكي اختار ملك الألاخ – تل عطشانة أميتاكو ابنة حاكم إيبلا زوجة له.
الزواج في مملكة أوغاريت: كان الأوغاريتي الشاب خجولاً ينتظر بوح فتاة بحبه، لكن كان لجمال الشاب دور هام، وكانت نظرة الأوغاريتي للزواج بأنه يمثل الحب والخصب والولادة انطلاقاً.
واستشهد المحاضر بقول الباحث: ديل ميديكو في كتابه اللآلئ من النصوص الكنعانية: إن الشعب الذي لا يتكاثر هو شعب فارغ أشبه بالرجل المطرود وخارج البيت ينبغي فتح الأبواب للزواج والإنجاب، وكان الأوغاريتي يتزوج من أقربائه ثم تزوجوا من أجنبيات، وكان هناك تعدد زوجات أما الفقراء فلهم زوجة واحدة وكانوا يقولون: الآلهة مبارك بالزواج وأثناء الزواج كانوا يأخذون رضى الآلهة ومباركتها خاصة أثناء الإنجاب، وكثرة الولادات مع تقديم القرابين والذبائح.
رفيدة يونس أحمد