الكمــال الإنســاني المتغــيـّر

العدد: 9325

2-4-2019

 

هو الإنسان الذي كان صورة الأفضل والأمثل بما كان عليه من تمثيل، وهو الأكمل والأجمل بما كان فيه من تصوير، ويبقى الصورة الخَلقيّة للخَلق البشريّ الذي أبدعه الخالق في التشكيل والتصوير، وكان خير صورة وأجمل خلق الله على الشكل وما حمل وعلى الجوهر وما تمثّل.
هو الإنسان الكائن الوحيد في عالمه الفريد الذي تفرّد بمفهومي النّماء والتغيّر، ليكون المفهوم الأساسيّ الذي يقوم على التقدّم الذي لن يكون إلا إذا تضمّن جوهريّاً فكرة التطوّر.
ولأنّ الإنسان لا يحيا بمفرده ولا ضمن دائرة محدودة أو محدّدة، فإنّه لزامٌ عليه أنْ يسعى إلى تحقيق مفهوم الكمال الإنسانيّ في كلّ مرحلة، ومع كلّ مجموعة يجدها ويجد نفسه فيها منغمساً للتعامل معها حُبّاً وفَضْلاً لا كُرهاً أو إكراهاً، إذ من الصّعب على المرء أنْ يكون مُجبراً على فعل الخير مُكرهاً عليه.
نعم هو الكائن الذي يشغل الكائنات عاقلها وغير عاقلها لأنّه محور الكائنات بما امتلك، وسبيل الحياة بما عليه اشتمل من أسباب الحياة التي تجعله يفكّر مليّاً في طريقة التجدّد والاستمرار في العلاقات، لاسيّما العلاقة الأهمّ ألا وهي علاقة المرء بخالقه من جهة سرّانيتها وعلاقته مع نفسه والآخرين من علانيتها.
هو الكمال الذي يسعى إليه شاء إلى ذلك سبيلاً أم لم يشأ وليس لديه خيار آخر غير ذلك ولا طريق يسلكه غير أنْ يكون كما كان في بدئه الأوّل، عندما كان صورةً أولى خالية من أيّ شائبة وكان المخلوق الذي ترنو إليه الأنظار وتهواه الأفئدة بما امتلك من نقاء وصفاء وكان على الكمال.
ولكنْ هيهاتَ لهذا أنْ يدوم علماً أنّه ليس بالغريب أو البعيد أنْ يطول، وسعيد مَن استطاع أنْ يكون كما كان وعلى الصورة الأولى التي ستكون الأخيرة، والتي لن تكون إلا بمقدار ما يمتلك من أدوات يترجم من خلالها هذا السعي والدأب المتجدد نحو كونه الأول وسعيه الأخير الذي لن ينعدم وسائله ولا طرائقه التي توصله إلى غايته الفضلى وصورته الأولى التي كانت وستبقى الصورة المـُثلى، ولكن ما بين الصورتين سيبقى الإنسان متمثلاً لفكرة الكمال الإنساني المتغيّر.

نعيم علي ميّا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار