الوحدة 16-7-2022
( كلماتٌ من آس، على ضريح من أهدانا، من قيثارة روحه الفرحَ المعتّق، وبصمتٍ حمل صليبَ آلامه ومضى..)
حالة غريبة جمعتْ نضال سيجري (1965 – 2013 ) مع جمهور كبير أحبه، حتى قبل الحالة المرضية التي ألمّتْ به، وقبل أن يرحل عن عالمنا، ضمن طقس جنائزي، فيه لمسة فنية مسرحية دافئة، جعلت أصدقاءه يرفعون جثمانه فوق خشبة المسرح/ عشقه الأبدي
هو فنان؟ نعم
كوميدي؟ نعم
يستحق لقب شابلن العرب؟ نعم، فيما لو تأمّن له طاقم فني يرعاه، ولربما كان قد تحوّل إلى نجم عالمي.
شخصية (أسعد خرشوف) أبدع في تجسيدها، كما باقي أفراد طاقم أسرة (ضيعة ضايعة)، المسلسل الذي أصبح علامة فارقة في الكوميديا السورية، حتى أنّ النقاد والمهتمين بالدراما السورية وحتى العربية، قارنوه بذات اللمعة الكوميدية التي تركها مسلسل (صح النوم) في انطلاقته عربياً، وأسس، في حينه، لنجومية غالبية أبطاله..
حين سألت عدداً من نجوم ضيعة ضايعة عن إمكانية الاستمرار بإنتاج أجزاء أخرى من هذا المسلسل/ الظاهرة، أكدوا صعوبة ذلك، وأرجعوا السبب لرحيل نضال سيجري، الذي لا يمكن أنْ يحلّ مكانَه أيُّ ممثل كوميدي آخر..
كوميديةُ نضال كانت حقيقية، نابعة من أعماقه، مزروعة في أنفاسه، فقد كان، وهو في رحلة مرضه، وحتى في أيامه الأخيرة، يشيع البسمة، بل القهقهة، وهو بين براثن المرض، ووسط وجعه وهو بين أهله، فحالة الفرح متجذّرة في جينات عائلة السيجري بالعموم..
كان في مرضه (مريضاً مثالياً)، متصالحاً مع وضعه، ولم يكن يتمنى الموت، لكنه لم يكن خائفاً من مواجهته بشجاعة..
كان يحبّ طفليه ويهتم بدراستهما، وحنانُه كان يملأ أسرته، رغم غياباته الطويلة عنها بسبب طبيعة عمله..
كما كانت لبلده سورية، وهي تمرّ في مخاض حرب مفروضة وغريبة، كانت لها حالة خاصة في نفسه، وهو الذي نزل إلى الناس، في ذروة الأزمة، ليقول لهم، إننا أرقى من كثير من هذه التفاصيل والأضاليل التي لا تشبهنا، كسوريين، أبداً.
هل تمّ تكريم نضال سيجري كما يجب؟ ربما
وهو العاشق للمسرح، وقد أعطى خشبة المسرح الكثير من حضوره الجميل، فقد تمّ إطلاق اسمه على أكبر صالة للمسرح في مدينته اللاذقية، التي عشقها بكلِّ تفاصيلها، وحواريها، وبحرها، ومقاهيها، وناسها، ومثقفيها، وفنانيها..
هل الفنّ يورّث؟
ابنه الأصغر (آدم)، ابن ال 14 ربيعاً، ربما يكمل مسيرة والده، فهو أحبَّ هذا الطقس الفني، وشارك بأكثر من عمل تلفزيوني، ومنها (الوسم)، الذي أخرجه سيف الدين سبيعي، وسبق له أن شارك بفيلم من تأليف وإخراج والدته وهو بعمر 6 سنوات.
ابنه البكر (وليم)، ابن ال 17 ربيعاً، بشخصيته المثقفة المتمردة العاشقة للوطن والعروبة وفلسطين، كان له وسيلة تعبير أخرى، وهي كتابة المقالات في أهم المواقع الالكترونية، وقد أخذ هذا الهاجس عن والدته، الكاتبة المعروفة (سندس برهوم)، التي لها تجربة في كتابة القصة القصيرة و العمل الروائي والكتابة الدرامية.
نضال سيجري عبارتك ( وطني مجروح وأنا انزف.. خانتني حُنجرتي فاقتلعتها.. أرجوكم لا تخونوا وطنكم) مازالت حاضرة، ويتردّد صداها في أروقة الذاكرة الجمعية للسوريين، الذين دعوتهم للغة الحوار، كيما نعبر بسفينة الوطن، معاً، نحو برّ الأمان.
جورج إبراهيم شويط