العدد: 9325
2-4-2019
لما كان التلفزيون قد تفوّق على القراءة بصورة ملموسة، فإن المقارنة بينهما لابّد أن تكون دقيقة وموضوعية، وذلك من حيث الفئة العمرية التي تتابع كلاً منهما، ومن حيث متطلبات كل وسيلة من قضايا تقنية واجتماعية واقتصادية وغيرها هي عين الاعتبار، فمن الطبيعي مثلاً: لا يمكن لفئة الأطفال ما قبل سن المدرسة – وهم لا يجيدون القراءة والكتابة – أن يتمكنوا من المطالعة والقراءة، لكنهم بالإمكان متابعة البرامج التلفزيونية، فموضوع المشاهدة التلفزيونية بالنسبة لهم يتلقونه ويدركون ما يقدم لهم ويعرض على الشاشة بيسر وسهولة، وكذلك الأمر ذاته بالنسبة لفئة الكبار غير المتعلمين.
على الرغم من اختلاف نوعية المادة المتاحة في كل وسيلة بصورة هائلة، بدءاً من المطبوعات والكتب الفقيرة المضمون والغثة، والبرامج الخاوية والضحلة إلى الروائع الأدبية الرفيعة والبرامج التلفزيونية الجميلة والعميقة المضمون، فإن طبيعة التجربتين مختلفة، وهذا الاختلاف يؤثر بشكل جوهري من حيث تأثير المادة لدى الجمهور المتلقي لها.
إنّ عملية القراءة تشتمل على ممارسات ذهنية وتتطلب مهارات لغوية، ليتمكن الشخص القارئ من معنى كل كلمة وفهم رموز الحروف التي تتكون منها… ولذلك فالقارئ مطلوب منه أن يكون أكثر تركيزاً من الشخص المشاهد للتلفزيون، إنّ ما يسهّل على النمط المشاهد للتلفزيون أمور عدة هي:
الصوت والحركة واللون والإضاءة والمؤثرات السمعية والبصرية التي تزيد من سهولة الوصول المباشر إلى دماغ المشاهد على عكس النمط الأول الذي يتطلب منه التركيز الحاد أثناء القراءة، ومعرفة ما بين السطور..
إنّ الاستعداد للتركيز والتنبه والاهتمام، ُيكتسب من خلال القراءة وتجاربها على عكس ما هو حاصل لدى جمهور المشاهدة التلفزيونية المتأثر بصورة عكسية في قدرته على التركيز وعلى القراءة والكتابة بوضوح واختصار، وعلى إظهار أي من المهارات التي يتطلبها الجمهور القارئ والمتابع للكلمة المطبوعة والنص والكتاب.
بسام نوفل هيفا