فرصة الحـــــــبّ الأولى بين الحقيـــــــقة والوهــــم للأديب مخلـــوف مخلـــوف

العـــــدد 9323

الأحـــــــــــد31 آذار 2019

 

الحبّ تعريفاً :هو شعور داخلي ينبع من أعماق القلب ويكون على شكل انجذاب، وإعجاب شديد لشخص ما أو مكان أو شيء ما، وفسره البعض على أنه كيمياء بين شخصين، والبعض يعرفه على أنه التقاء للأرواح وتجاذب بينها.
وللغوص في الحب بين الحقيقة والوهم نتوقف اليوم مع المحاضرة التي ألقاها الأديب مخلوف مخلوف بدار الأسد للثقافة. وبدأ محاضرته بالقول: إن الإنسان منذ وجوده على الأرض، وخفقان قلوب البشر، بدأت مرحلة الوجع الجميل، ملحمة الحبّ الخالدة التي ارتبط وجودها عضوياً مع وجود هذا المخلوق الباحث عن الحياة الأرقى والأجمل.
الحبّ كما النعاس يغشاك دون أن تدري.. يأخذك إلى حيث لا تدري.. يلج كل بوابات روحك وقلبك دون أن يطرق باباً.. أو يستأذن بواباً.. هو لا يحتاج تأشيرة أو جواز سفر للعبور.. سلاحه الجمال .. كل عناوين الجمال والنقاء والبهاء والنور.
وهو في سعيه الجمالي يكنّس كل بشاعات الكون، يهزم العتمة ويحطم أصنام الظلمة، ويفرش سجادة للحب على امتداد وسع قلبه .
يعيدنا إلى فطرتنا الأولى التي فطرتنا عليها السماء منذ نشأتنا الأولى وهي فطرة المحبة والخير والجمال. وفي القلوب المترعة بالمحبة بحسب رأي الأديب مخلوف. لا موطئ قدم للضبابية والضغينة والأحقاد هي ساحات شاسعة البياض لا يشوبها كدر أو كثافة أو سواد.
هي رسالتنا كمخلوقات عاقلة في العالم.. وسرّ ارتقائنا .. وولوجنا ملكوت السماء السابعة. وهي بطاقة مرور للإيغال عميقاً في عالم الجمال.. فلا بشاعات مع المحبة ولا احتمال لهطولات غير متوقعة للكراهية والعدوانية فوق بياض القلوب ونقاء الأرواح وبهاء الوجود كل مذاهب الكون والأديان والرسل والأنبياء والفلاسفة والعظماء.. التقوا حول مقولة واحدة (المحبة) قد تختلف الآليات واللغات والمفردات. لكنها المحبة ذاتها، نطقت بها كل الكتب السماوية والأرضية وإليها أشار الفلاسفة والمبشرون والمنظرون والسائدون عشقاً على صراط الاحتراق.
كان آدم وحيداً وكانت الجنة ملك يديه ومجاله الحيوي، ورغم سيادته وسجود الملائكة كرمى لعينيه لكنه كان يشكو من فراغ في القلب وخواء في الروح وبدأت من لحظتها حكاية الحب مع حواء وكانت بداية الاشتغال بكل عناوين البهاء الإنساني كالشعر والرسم والموسيقا والغناء..
وعن سؤال هل الحب وهم أم حقيقة؟ أجاب أديبنا من خلال محاضرته معبراً بالقول: من أعماق الحياة تنبعث أعظم موسيقا الوجود وأرقاها.. شرط أن نتقن جيداً فلسفة ضبط أوتار قلوبنا على إيقاع النقاء الكلي اللامتناهٍ البهاء.. فنحن إن أردنا الخير والحقيقة والجمال، فهذا متاح فقط إن نحن أحسنا إعادة دوزنة أوتار الحياة على إيقاع الفطرة الإنسانية الأرقى والأبقى والأنقى.
والحب هو السبيل الوحيد لإعادة دوزنة هذه الأوتار. التي تصدح بأرق وأعذب الألحان.. ما جعل الكثيرين يشبهون الحب على أنه نوع من العبادة أو الصلاة التي توصلنا إلى المقدس الكلي الذي هو الله. فالصلاة من غير حب زائفة من غير حب لا قيمة لكلمات الصلاة أول وهم هو أننا جميعاً نعتقد أننا نعرف الحب.. وهذا الوهم مؤذٍ إلى حب بعيد، لأنه يحول بيننا وبين القيام بأي جهد لبلوغه.. أو الالتفات إليه .. لكننا لا ندري ربما أن من يعرف الحب حقيقة معرفته. قد امتلك تلقائياً القدرة على معرفة المقدس، لو أننا عرفنا الحب فلن يبقى إذن شيء في الحياة لا نعرفه.. لذا فالحب الذي نظنه حباً هو شيء آخر غير الحب. وطالما بقينا في توهمنا هذا.. فكيف سنفكر والحالة هذه في البحث أو السعي من أجله؟ وما من أحد منا قادر على الحب ما لم يتدفق الحب من داخله. الحب هو ليس شيئاً تناله من الخارج هو موسيقاه الداخلية. صوت الجمال الذي يملؤك.
وختم بالقول: هي دعوة لغسيل القلوب من كل أدران الكراهية التي تملؤها.. وتنظيف جراحاتنا من كل الأوجاع والأحزان التي تسكننا وذلك بالعودة إلى طفولتنا ولو هرمت أجسادنا.
وكما يقول غابرييل غارسيا ماركيز: مخطئون الذين يقولون مع تقدم الإنسان في العمر يتوقف عن الحب هم لا يعلمون أنهم لا يتقدمون في العمر إلا حين يتوقفون عن الحب. فلا شيخوخة مع قلب نابض بالحب.. والجمال .. والحياة..!!

رواد حسن

تصفح المزيد..
آخر الأخبار