بين السعادة والشقاء
الوحدة:26-6-2022
لا أحد يدرك حجم المآسي التي ترافق الإنسان مند صرخته الاحتجاجية الأولى لحظة خروجه من رحم أمه، وحتى أناته الأخيرة، وهو يصارع الموت على فراش من نار وصبار !!
مآسٍ تقتحم تفاصيل أيامنا ، تتوقف على عتبات الروح لفترات تقصر أو تطول بحسب طبيعتها وحجمها ، ومدى انفعالاتنا وتفاعلنا معها.ففي الوقت الذي نجد فيه بعض الأشخاص يمتلكون قدرة خرافية على تجاوز المآسي وترويضها واقتناص موجات الفرح لتحل محلها في أسرع وقت ممكن ، نلاحط أن بعضهم الآخر تهدهم أبسط المشكلات وأتفه الأزمات فيقبعون مرتعدين تحت وطأتها، تائهين في سراديبها ، لا يستقرون على طريق واضحة للخروج منها واجتيازها ، أو على الأقل تناسيها والانتقال إلى بقعة مضيئة تعيد للنفس توازنها. من هنا نلاحط وجود طبيعتين متناقضتين للبشر: الأولى لأشخاص يستمتعون بالحياة ويعرفون كيف يستغلون جمالياتها وإيجابياتها ، والثانية لأشخاص تغمرهم السوداوية ويلفهم الاكتئاب،تهرب الأيام من أمامهم منتظرين آلام النهاية الموجعة !!
وكثيراً مانجد في أمهات الكتب والسير الشخصية لأهم المبدعين والعلماء ، نماذج من أولئك الرازحين تحت وطأة الحزن ، و الاكتئاب حيث يبدو الأمر جلياً في نتاجاتهم وآرائهم المدونة..
وعلى الرغم من تراجيدية الإنسان ككائن يصارع كل شيء حتى نفسه ، فإن ذلك لا يعني الانغماس في الهموم والأحزان دائماً ، وتحويل البسمات إلى عبوس وتجهم وإلغاء كلمات الفرح والسرور والسعادة من القاموس اليومي.
قد يكون ( التنظبر ) سهلاً، فلهؤلاء السوداويين حججهم المقنعة أحياناً ، وتفسيراتهم المنطقية أحياناً أخرى ، إلا أنهم يبالغون جداً في مواقفهم من الحياة فيعرضون عن محاسنها ويوصدون أبواب التفاؤل ، حتى أمام الحب ( أجمل مافي الكون ) إذ يروجون لمقولة في حياة كل إنسان مأساتان، المأساة الأولى عندما يفتقد الحب. أما الثانية فهي عندما يجده ، أي أن المعاناة والألم سيرافقان المرء في الحالتين، ولكن هل يمكن أن تتساوى الأحاسيس والمشاعر فيهما كما يدعي هؤلاء ؟!!
لا أعتقد ذلك ، فحياة الشخص الذي يفتقد الحب جافة يابسة لا طعم لها ، بينما يعيش المحب ( بغض التظر عن ماهية هذا الحب ) لحظات متفاوتة من القلق والتوجع اللذين يلونان روحه بألوان شتى،ويخلصانها من الغمامة السوداء التي تستقر في فضاء النفس الفارغة من مشاعر الحب !!
لمي معروف