الوحدة 21-6-2022
نوقشت في جامعة تشرين (كلية الآداب و العلوم الإنسانية) رسالة ماجستير في قسم علم الاجتماع لطالبة الدراسات العليا “ضحى إسماعيل القيم”، بعنوان: واقع المرأة الريفية ودورها في عملية التنمية المستدامة/دراسة ميدانية في ريف اللاذقية، وذلك بإشراف د .هند العقيبة.
وبعد انتهاء المناقشة تداولت لجنة الحكم المؤلفة من السادة: د .”أسامة محمد” و د. “هند العقيبة” و د . “يسرى زريقة”، وبموجب المداولة منحت “ضحى القيم” درجة الماجستير بتقدير امتياز و علامة قدرها /91/، في مادتنا الآتية نسلط الضوء على أهم ما جاء في البحث من أفكار واستنتاجات.
من خلال الدراسة الميدانية والنتائج التي تمَّ التوصل إليها في البحث المقدمِ، نستنج أنَّ المرأة السورية الريفية تشكل عنصراً أساسياً وفعالاً في عملية التنمية المستدامة. ومشاركتها في هذه العملية تمثل ظاهرة اجتماعية معقدة، يتخللها كثيرٌ من الصعوبات والعقبات. لذلك لا بدّ من تحديد هذه الأسباب والصعوبات والعقبات التي تُعيقها من أداء دورها بالشكل الأمثل في عملية التنمية بشكل عامّ، والتنمية المستدامة بشكل خاصّ، وفي المجالات كافةً كالمجال الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي والبيئي. فواقعُها ما يزال تحكمه العادات والتقاليد، وبهدف مساعدتها على تحقيق ذاتها والمشاركة في تنمية مجتمعها عمدت الحكومة السورية منفردةً أو بالاشتراك مع القطاع الخاص إلى إنشاء مشاريع تنموية خاصّة بالمرأة الريفية، أو ما يسمّى وحدات تصنيع خاصّة بالمرأة الريفية في معظم محافظات الجمهورية العربية السورية.
وعلى الرغم من أنّ الدور الذي تمارسه هذه المشاريع يعدّ إضافةً بسيطةً إلا أنّها ساهمت في تنمية الريف، والنهوض به بشكل بسيط جداً، وحسّنت قليلاً من وضع المرأة الريفية، نظراً لأنّ هذه المشاريع غير قادرة على استيعاب طاقات وأيدٍ عاملةٍ كبيرة، وهذا يعني بقاء عدد كبير من النساء الريفيات بعيدات عن أداء دورهن في عملية التنمية وتحسين ظروف معيشتهن، إضافة إلى أن الدخل الناتج عن العمل بهذه المشاريع أو وحدات التصنيع غير كاف، وغير ثابت ويعتمد على كمية المواد المتاحة بشكل غير منتظم وانعكاسه على عملية الإنتاج.
وانطلاقاً من أن أهم سمات التنمية المستدامة هي الديمومة والاستمرارية الراهنة والمستقبلية فإن وحدات التصنيع التي تعمل بها المرأة الريفية في مجتمع الدراسة لا تحقق شرط الديمومة والاستفادة المستقبلية، وبالتالي فإن واقع المرأة الريفية العاملة فيها ليس جيداً سواء على مستوى الإنتاجية أم الدخل أم التدريب والتأهيل. لذلك فقد كان تنمية المرأة الريفية وتأهيلها وتدريبها ضرورة لا بدَّ منها حتى تتمكن من مواجهة الصعاب التي تعيقها، وتتمكّن من المشاركة في عملية التنمية المستدامة. بغض النظر عن مستواها التعليمي والعمريّ، وحالتها الصحية ووضعها الاجتماعي. وهذا ما أكدت عليه نتائج الدراسة.
أما فيما يتعلق بنوع العمل فقد أثر من خلال زيادة الدعم المالي للمرأة الريفية والاهتمام بها سواء من قبل القطاع الخاص أم العام، و ذلك بتوفير متطلّبات العمل والإنتاج في وحدات التصنيع، وهذا أمرٌ طبيعيُّ ينطلق من سعي الحكومة السورية وبالاشتراك مع القطّاع الخاصّ، ورغبة كلٍّ منهما في دعم المرأة الريفية وجعلها عنصراً أكثر فاعلية في عملية التنمية المستدامة. إلا أنّ هذا الدعم وهذه المحاولات لا ترقى إلى المستوى المطلوب، فوحدات التصنيع على الرغم من توفر الآلات الحديثة فيها إلّا أنَّ طاقتها الاستيعابية للعاملات بسيطة جداً، ويبقى السؤال مفتوحاً: ماذا عن النساء الريفيات الباقيات دون عمل بسبب عدم استيعاب هذه الوحدات التصنيعية لهنّ؟ كما أن بقاء دخل العاملات مرهوناً بكمية الإنتاج غير المستقر، وعدم حصولهنّ على دخل شهري ثابت يعدّ من نقاط الضعف التي تتسم بها هذه الوحدات والقائمين عليها. وهذا ما لا يتناسب مع أهداف التنمية المستدامة.
وفي النهاية يبقى واقع المرأة الريفية العاملة في وحدات التصنيع مجتمع الدراسة في اللاذقية على المستوى الاقتصادي ليس جيداً بما فيه الكفاية، انطلاقاً من الإمكانات المتاحة لها، وبالتالي فإن هذا الواقع له انعكاساته على دورها الذي يبدو متواضعاً في عملية التنمية المستدامة؛ لأسباب تتعلق بوضعها الاجتماعي وما يحكمه من عادات وتقاليد ونظرة المجتمع الريفي للمرأة، ودورها وعملها خارج المنزل، وأخرى تتعلق بالوضع الاقتصادي والسياسي للمجتمع السوري وانعكاسات الحرب على عملية التنمية بشكل عام، والمستدامة بشكل خاص. كما أظهرت نتائج الدراسة أن واقع المرأة الريفية على المستوى السياسي يبدو جيداً فالفرص متاحة لها لتشارك في الانتخابات السياسية، سواء على مستوى انتخاب أعضاء مجلس الشعب والانتخابات الرئاسية شأنها شأن المرأة السورية بشكل عام.
رفيدة يونس أحمد