العدد: 9322
28-3-2019
غدوت أتسكع بين حنايا القلب فعشرات سنيني محض خرافة، والفكر لا يبرح الحالة التي أعيش وعيناي مثقلتان بالنعاس لكني أخاف النوم لربما مرّ الأمل وكنت غافلاً، فزورق العمر لم يعد ينفع معه الدفع، لقد غادر قطيع السنين إلى مروج نائية، لهذا رتبت أوراق حزني وقضيت أتسول لحظة فرح، وفي لحظة خارج الزمن أخذت أسير بين الأمل والخيبة ونار اللوعة تشتعل وحطبها سنيني، مررت بدار الأمنيات فوجدتها ركاماً فأخذت أقلّب بعضها فنادتني إحداها قائلة: التعازي بدار الفقيد.
سألت خيوط الفجر عن أمل ضاع كالعمر هل سيشرق من جديد؟ فضحك في الصدى فما لي إلا أن سُحت في قيافي الخيبة أبحث عن بارقة أمل شاردة أستظل بفيئها من هجير الضياع، ولكن الاتجاهات تاهت مني والشمس في ذروة القلق والحيرة.
فأي الاتجاهات أسير فأقدام الرجاء تركت آثارها على صخور الألم؟
هذا جعلني عارياً من كل أفكاري وواقفاً على صفيح يأس ملتهب، متسائلاً:
أهذا قدرٌ أم سقوط في شرك الحياة ومتاهاتها؟
نم أيها العمر، اليقظة في العتمة كالموت.
وفي وقت غير محسوب تراكمت غيوم الانتظار فاستبشرت بانهمار المطر ليغسل وجه اليأس، لعل سنابل الأمل تولد من رحم المعاناة ليقتات بها الحلم.
فأنا أقف على أبواب قدر مجهول، هذا جعلني أجترّ الصبر لأنه خبز الحياة.
السنين تمضي وكأننا لم نكن فجوع العمر أكلها ولم يبق إلا الآهات معلقة بأطراف ثوب ممزق لا يستر عورة هذا الزمن، أخذتني أفكاري المتهالكة برفقة بصيص أمله يضيء مفارق الدروب فالحياة قبر بدون أمل، فكيف للمرء الخلاص من عتمتها الموحشة؟ فالعمر ذهب دون استئذان وأنا أسأل نفسي هل هذه العتمة تنكمش خلف قلم حبر أو سترة كتاب يباع على قارعة الأيام؟
أعود إلى ذاكرتي الحبلى فلا أرى آثار ترك على مرورنا في هذه الحياة، بل كأننا رماد وهبّت عليه ريح العد فاندثر، فلا أعين الزمن بكتنا ولا من أمل لفّنا تحت عباءته المهترئة، فهل الأيام تذكرنا قائلة: من هنا مروا حاملين أوجاعهم وآمالهم؟ أم أننا كزجاجة حبر سُكبت في البحر ونامت بين أقلام فارغة؟ وهي تهذي قائلة:
لا تبكِ على من لا يبكي عليك وخذ قلبك بين يديك يوم لك وأيام عليك.
نديم طالب ديب