الوحدة: 14- 6- 2022
وأنا أمضي في طريقي، مررت بجمع من أطفال في حديقة الحي يضحكون بقوة بينما يصيح أحدهم: اقرأوا الفاتحة, حضروا التابوت!! صدمني ما سمعت .. وشدني الموقف لأرى ما الذي يحصل ؟!! حين اقتربت كان طفل لا يتعدى السنوات الست من عمره يركب أرجوحة، يرتفع بها إلى أقصى ما تستطيع ثم يلقي بنفسه, وبكل قوة إلى الأرض كبهلوان، ويضحك الجميع.
يعيد الكرة، ويعيد الفتى الشيخ تعليماته قبل القفزة المرعبة للبطل الضاحك المشاغب .. ويضحك الجميع . . مرات , ومرات. هي لعبة أتقنها الطفل، وأحب بث الرعب في النفوس، وفي نظرات المارة غير العابئين وغير المهتمين إلا أنا !! أردت تقديم النصائح .. لم يسمعني أحد، ولم يهتم, وبادلوني الكلام بالضحك.
ابتسمت، وأنا أهرب من المكان، وما أزال اسمع الضحكات، وتعليمات الفتى شيخ المجموعة.
على بعد خطوات منهم .. وعلى الرصيف المجاور للحديقة، كان بائع البسكويت الطفل الصغير الذي أصر أن أشتري منه، وبسعر الجملة فهو لا يريد ربحاً كما يقول !! قطعة البسكويت التي يبيعها بخمسمائة ليرة فقط.
بينما يجلس رجل خمسيني كملك , فوق كرسي مخلوع مهترئ .. لباسه مهترئ أيضاً وقذر .. ملامحه تدلك أنه لم يغتسل منذ سنين، يضحك الرجل بقوة، وحين أصل إليه يطلب فقط خمسمائة ليرة، لأنه يريد أن يشتري فنجان قهوة من بائع القهوة المجاور الذي يعمل على طرف رصيف، حين أدرت وجهي تفادياً للمشهد والموقف، ودون أن أبدي أي تفاعل مع رغبته في شرب قهوة .. سمعت ضحكته المجلجلة حتى ملأ المكان ضجيجاً، وكأنه يؤكد لي أنه الملك شئت هذا أم أبيت، في ركن آخر كان العجوز ما يزال جالساً في ركنه الذي اختاره منذ وقت طويل .. يجلس هناك ولا يبرح المكان قبل أن يأخذ من مال الله يقولها بتهذيب، وبصوت منخفض لكل مار به, وبألم !! تلك بعض من صور التقطها قلبي قبل عيني، وأنا في طريقي للبحث عن صراف يعمل لأسحب راتبي الشهري!!
سعاد سليمان