نبات البيتايا – الدراغون … خطوة صغيرة لمشروع زراعيّ إنمائيّ حضريّ

الوحدة: 26- 5- 2022

 

تتعدد المصادر النباتية من نباتات وأشجار مختلفة تعطي عدة أفواج من الثمار في العام الزراعي الواحد (الحَول)، ومعظمها تنحدر من المناطق الاستوائية والمدارية، وبعد عقود وقرون متوالية استطاعت فطرةُ المربي في وطنه، وآثار الأوروبي الغازي للأرض الجديدة في الأمريكيتين والساحل الشرقي لآسيا في العالم أن استُنبِطت أصناف جديدة، وأدى تلاقحُ الأصناف النباتية مختلفة الأوطان مع بعضها البعض، إلى وجود أصناف نباتية مستأنسةٍ يمكن أن تنمو وتجود في حوض المتوسط وأوروبا والأمريكيتين.

هذا ما بدأ به د.م .زياد حاتم -دكتوراه في علوم التربة والمياه – حديثه عند سؤالنا له عن نبات البيتايا – الدراغون وضرورة زراعته كمشروع زراعي إنمائي حضري ، وتابع قائلاً : البيتايا ، أو فاكهة التنين أو الدراجون، – كما يُشاع اسمها في أوساط غير الزراعيين – ليست مجرد صبّار عاديٍّ، كغيره من الصبار الصحراوي المقاوم لأعتى الظروف البيئية من الجفاف أو المناطق القاحلة التي تميّز المعالم الصحراوية في الغرب الأمريكي والمكسيك، بل هو نباتٌ عصاريّ يستوطن الفيافي والمناطق الدُّغلية لغابات المانغاروف في حزام من المناطق الاستوائية والمدارية الممتدة من أمريكا الوسطى وحتى أندونيسيا وماليزيا وشرق الصين.

البيتايا، ليس شأنها شأن أي من الفاكهة التي تعرفونها، فالمرء لا يميّز فيها حلاوة الأعناب، ولا استساغة التفاحيات، ولا الطعم الحجري لفاكهة الصبارة المتوسطي، ولا الطعم الجاف الذي يأتي من لبّ جوز الهند، ولا حتّى القوام الدهني من مضغ الموز، إنها كلُّ هذا جميعاً.

 

*وعن أهمية نبات البيتايا وفوائدها الغذائية قال د. زياد: تنساب في الجوف غذاءً متكاملاً من الفيتامينات الرافعة للمناعة كفيتامينات B وفيتامين C والعناصر المعدنية كالبوتاسيوم والكالسيوم والمغنيزيوم والحديد والزنك، والكثير من المواد الغذائية المضادة للتأكسد المحاربة لخطر السرطان على الجسم.

*أما عن جمال وجودها في أي حديقةأو أرض أو حتى في البيت قال د.زياد: البيتايا، عندما تراها، تعشقها العين، فهي تلوح للناظر كعارضة أزياء ترقص بفستان ضيق كساعة رملية مقلوبة، ضيق حتى الساقين، وتمدّ ذراعيها احتفالاً وتمجيداً للرب بقدوم الربيع.

هي صبيّةٌ مدلّلة تكره أن تلفحها الشمس وتحبّ اللعب في الظلّ الذي يحجب من الشمس ثلث جبروتها، البيتايا، كامرأة قنوع، فهي ترضى القليل، تحبّ أن تتشارك الأرض مع النباتات الأخرى، متطلباتها الغذائية في الأرض قليلة، يمكن أن تصبح متفرّدة في حوض زراعي قليل العمق، لكن تعطي أفضل ما لديها إذا جرى الاهتمام بها كأميرة وسط الأميرات، لا تنافس أحداً، فيمكن أن تُزرَع بمسافات لا تتعدى المتر فيما بينها، وهي نبات متسلّق يتشبث بالصخور والحوائط، فتغرز جذوراً هوائية مثل شاربَي بستاني قويّ، وتستقيم، وأزهارها في غاية الجمال فهي كشهرزاد في ليالي القمر الدافئة تتفتّح وتعطي عبيراً خفيفاً وكأنه همسٌ لنحل العسل كي يتهافت عليها في الفجر كي يغني لها قبل أن تنام.

 

* وتابع د. حاتم حديثه عن ضرورة تصميم أحواض نباتية أمام الشرفة كونها رديفاً للأسر الفقيرة قائلاً: إن مثل هذه الأنواع في مملكة الله النباتيّة تستحقّ أن تكون جزءاً لا يتجزّأ من وعينا؟ وتكون عوناً لنا في مرضنا؟ ورديفاً لأسرنا الفقيرة معيناً عندما يتم تأسيس الدراغون كمشروع إنمائيّ صغير مربح في حيازات صغيرة تتفتت وتتفتت في ظل زيادة عدد السكان وضيق ذات الحال؟ إن تصميم أحواض نباتية صغيرة تجمع أنواعاً نباتية مختلفة بشكل متجانس أمام شرفة أو من على سطح منزلي ريفي لرجل لا يملك أرضاً، لتبدو فكرةً واعدةً تجمع الأنواع النباتية المختلفة في طبق واحد.

لطالما كان الجمال ُغنياً بالتنوع والاختلاف، وآثار الجمال تدلُّ عليها صنائع أسلافنا العظماء، فبالأمس غير البعيد كانت – أرض الديار- البهو الداخلي للمنزل الدمشقي يبهر الناظر بامتزاج العبير الفوّاح المنبعث من الوردة الدمشقية مع عبير زهر النارنج والكبّاد، وبيوت مكللةٌ بعرائش الكروم تحاذيها أجماتٌ من ريحان وحبق، لذا فإن إدخال صنف قابل للاستئناس كالبيتايا – الدراغون- ممتزجاً مع غيره من النباتات الخضراء أو الزينة في البيت السوري قد تغدو فرصة لإحياء هذه النماذج القديمة بأسلوب عصريّ يمكن أن يقدّم قيمة مضافة في تطوير الثقافة السياحية لهذا البلد.

 

وختم د. زياد حديثه قائلاً: من جهة أخرى، لا يمكن لنا أن نغفل عن الجهود المضنية التي بذلتها الفعاليات و الهيئات المختصّة السياسية والاجتماعية والمنظّمات الإنسانية المتعاونة معها في الأعوام الأخيرة نحو توجيه وتأسيس الوعي الوطني حول غايتين مهمتين ينبغي لنا أن نتمسّك بهما: الغاية الأولى تتجه نحو تأهيل المزارع السوري للعودة إلى ممارسة زراعة الأمس ” الزراعة النظيفة” والعودة إلى تأمين البدائل رخيصة الثمن، في مجال تغذية المحاصيل الزراعية بالمواد العضوية المنتَجة في المنزل وقدمت الدعم من أجل ذلك في مناطق مختلفة من مجتمعنا، والغاية الأخرى كانت تشجيع المجتمع باتجاه الزراعة المنزليّة، أو دعنا نصطلح عليها الزراعة الحدائقية المرافقة لنشاطهم الزراعي الموسمي حول إنتاج واحد فقط كالحمضيات أو التفاح، وضمن هذين الإطارين يمكن أن ننطلق نحو التوسّع في مجال توطين المعرفة الزراعية ليُصار إلى توسيع المساحات الخضراء في مدننا، كأن تؤسَّس مشاريع لدعم المجتمع المحلي في توسيع دائرة الزراعة الحدائقية أقلَّه في الجنائن التي تطلُّ عليها أبنية مدننا.

نور محمّد حاتم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار