الأمثال الشعبية.. حكمة الشعوب

الوحدة:22-5-2022

جُمَل قصيرة، معانيها مركزة، موزونة المقاطع، متنوعة كنغمات إيقاع موسيقي، متعددة الصور، إنها الأمثال الشعبية خزّان ذاكرة الأجيال، فكم من موقف صادفنا وعلّقنا عليه بجملة مختصرة مفيدة تحمل المغزى والعبرة؟ وضرب المثل الشعبي واحد من أكثر الأشكال اللغوية التعبيرية انتشاراً، ويُصاغ من خبرات وتجارب الشعوب، ويحمل تراثها المتلاحق، ويعمل على توحيد العادات بينها، وقد يكون حكاية عن قصة حقيقية وقعت بالفعل ويؤخذ منها العبرة والمدلول إلى مضمونها، وبالتالي فإن الأمثال ترتبط بالواقع الاجتماعي والفكري والأخلاقي، تقوم بدور ثقافي وتعبيري مهمّ، كما أنها تحدد المواقف الحياتية للإنسان مع محيطه سواء في الحاضر أو الماضي.

وتستعمل الأمثال كحكمة اجتماعية ونصيحة تربوية في الظروف والمناسبات والأوساط والقضايا المتنوعة والمختلفة، ومن هنا جاءت أهمية توارثها بين الأجيال مهما تعاقبت واختلفت طبائعها إلا أنها تصبّ في بوتقة المثل الذي يصلح لكل زمان ومكان.

ونورد في الآتي بعضاً من هذه الأمثال: عاد بخفّي حنين، ويطلق على كل من عاد خائباً، وتروي الكتب أن قصة المثل تعود إلى صانع أحذية يدعى (حُنين) جاءه أعرابي، فأرهقه بكثرة الحديث عن الأحذية ونعالها وجودتها وأسعارها، مما سبّب نفور الزبون وذهابه دون أن يشتري شيئاً فقرر حنين الانتقام، ولحق بالأعرابي ووضع له أحد الخفّين الذي كان ينوي شراءه، وبعد مسافة وضع له الخفّ الثاني، ووجد الأعرابي الخفّ الأوّل وقال في نفسه: ما أشبهه بخفّي حنين، ليتني وجدت الاثنين معاً، وأكمل طريقه ليجد الخف الثاني فأخذه وعاد إلى مكان الأول تاركاً بعيره المحمل بالبضائع، فاستولى عليها حنين، وعاد الأعرابي لأهله بخفّي حنين دون تجارته الخاسرة.

ومن الأقوال المأثورة: مَن راقب الناس مات همّاً: ويقال لمن يقضي جلّ وقته في تتبّع أفعال وأقوال الناس..

 وبصلته محروقة: كناية عن اللجوج الملحاح المتسرع، والذي يشبه الطباخ الذي يحرق بصل طبخته وهو يقليه لنفاد صبره..

وبكل عرس إلو قرص: أي أنه حريص دائماً على الحضور في كل المناسبات..

ضاعت الطاسة: أي عمّ الخراب والفوضى..

بقّ البحصة: أي لفظ المرء ما يريد من الكلام الذي تمنّع عن قوله زمناً..

حامل السّلم بالعرض: يُراد به الإشارة إلى من يتعب نفسه ويرهقها في مخالفة الأعراف والتقاليد والاعتراض على سلوكيات الناس وأقوالهم وأفعالهم..

طفح الكيل: أي زاد الأمر عن حدّه وتجاوزه..

هذه التعابير بما تحمله من صورة شعرية وكنايات مجازية واستعارات مكنية ترقّيها إلى مرتبة البلاغة الشعبية، بإخراجها المعنى الواحد بصور متعددة تزيد من وقعه وتأثيره النفسي والعقلي أكثر من التعبير العادي، وتشبيه الأمور المعنوية بأخرى حسية كقول: راس الحية (الأفعى) المراد به الإشارة إلى أصل العلة ومفتاحها.

ريم جبيلي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار