بعد عناء طويل .. المعاش التقاعدي يوازي راتب التعيين (اليوم ؟)

الوحدة 14-5-2022
بعد مكابدة ومثابرة ضمن أروقة العمل الوظيفي لأكثر من ثلاثين عاماً تبدأ رحلة البحث الشاقة والمضنية عن أوراق وتأشيرات وتواقيع ليكتمل من خلالها نصاب تلك الإضبارة الوظيفية التي ستحيله إلى الكهولة القسرية وتشنجاتها الفكرية.
فأيها المتقاعد عليك بالصبر والتحمّل، بداية الأميال ومشاويرها تبدأ بخطوة، ونهاية خدماتك الطويلة تنتهي بشهر مجبول بنزهات قسرية بين مكاتب وأبنية واستراحات على أدراجها الطويلة المظلمة بسبب ما تفعل الكهرباء من جور على أدوات التصوير وشلّ العمل في البحث على ما تمت أرشفته إلكترونياً لبيانات العامل تماشياً مع مبدأ الحداثة والتطوير، وقاعدة (مُت قاعد) لا بُد من تهذيبها قليلاً بالهلاك لاهثاً في البحث عن مستحقات وحقوق بين دوائر ومكاتب، خلفها زميل لك أو زميلة يستقبلون هذا الكائن بوجه عبوس متشنّج (مع التحفّظ على وجود غالبية من أنقياء الوجوه والملقى)، وما يبحث عنه العامل المتقاعد هذا هم قادمون إليه نهاية المطاف، وهذه الأوراق والتواريخ والأرقام هي محصّلة جهدٍ طويل سينتُج عنها معاش تقاعدي يكون مصدر بقائه لما تبقّى له بين الأحياء، وفي الكثير من الأحيان فإن السفر إلى مركز العاصمة لا بُد منه لاكتمال ذلك العقد المتناثر لتلك الإضبارة التي تذكّرك أوراقها وصورها بملامح شبابك اليافع بداية ذلك المشوار الطويل .. فلما لا يتم تكريم هذا العامل أو الموظف واختصار كل تلك المعاناة والتنقّلات عبر إنشاء مكاتب خاصة بتلك الأمور إضافة إلى أقسام الذاتية والديوان، فيتم تحضير ما يلزم لذلك العامل بالتنسيق مع الدوائر المعنية الأخرى بما يشبه النافذة الواحدة، وتسليمه إضبارته ومستحقاته كاملة وبهذا يتم تكريم كرامته فيخرج فخوراً شامخاً غير نادماً على خدماته لتلك السنين الطويلة التي فعلت فعلتها بتشوهات وعيوب بالنظر والفقرات الظهرية والرقبية وغير ذلك من الآثار التي دكّت ذلك الجسد لثلث قرن من الزمن .. والناتج النهائي بعد شقاء عمر طويل معاش تقاعدي يوازي تقريباً الحدّ الأدنى لراتب من الفئة الخامسة والبالغ نحو ٩٢٠٠٠ ل.س، فهل يصح المثل الشعبي: العدالة المتطرفة في كثير من الأحيان ظلم.
سليمان حسين
تصفح المزيد..
آخر الأخبار