بين المرأة و الرجل

الوحدة:26-4-2022

 … لا يختلف الناس بكل أطيافهم وشرائحهم، على أن روحية العلاقة بين كل من المرأة و الرجل هي قضية شائكة جداً وتحتاج إلى شرح و توضيح يتعدى المعاجم و يستحق الاستفاضة بلسان فصيح و بليغ ، و لابد من تسليط الضوء على شتى جوانبها و دقائق تفاصيلها لكي يعرف كل طرف منهما واجبه و حقه ، فلا شيء في رحاب هذه الدنيا أفظع و أصعب من التسلط و الاستبداد و فرض الرأي و رفض الرأي الآخر بلا منطق أو نقاش أو تفكير ، فقد تعود الرجل عموماً عبر حقبات تاريخية عديدة و محطات حياتية طويلة على فكرة تحويل المرأة إلى شيء هامشي داخل البيت، و حتى معاملتها باستمرار على أنها إنسانة و مواطنة من الدرجة الثانية أو ربما الثالثة، و يقتصر محور دورها على مجرد الاستجابة لطلبات الرجل و كذلك إنجاب الأبناء و تربيتهم و فوق هذا و كله عليها أن تكون الجندي المجهول و المخلوق الأمين الذي يُطيع الأوامر و يُنفذ التعليمات و لا يرفض أبداً و لا يناقش البتة ما يُملى عليه . عودت المرأة عموماً في كثير من الأحيان على الانصياع و الاستسلام و الخضوع لواقع حياتها المفروض عليها ترسيخاً لعبارة ( سي السيد )، و كان همها الأول و هاجسها الوحيد إرضاء الرجل و السعي لتحقيق ذلك بكل ما أُوتيت به من طاقة و قدرة و إمكانيات ، وعلى الطرف المقابل و الضفة الأخرى فليس من حقها الضجر أو التعب أو المرض أو التململ أو الراحة أو المُعارضة بل أن تقر و تعترف بأنها فعلاً مخلوقة جاءت للأرض من بعده هو و لا تتعدى أو تتجاوز أن تكون ضلعاً منه لا أكثر من ذلك ، وقد قنعت المرأة بهذا الدور المنوط بها عقوداً و دهوراً طويلة، و لكن صفحات كتب الإنسانية لم تعدم ظهور نساء استطعن بشكل أو بآخر فرض أنفسهن بجدارة على الرجال فكانت بلقيس في اليمن و سميراميس في العراق و أيضاً حتشبسوت في مصر، نساء تُوجن ملكات و لم يكتفين بأن يبقين مجرد دمى داخل جُدران الغرف و أسوار البيوت بل انطلقن إلى عالم أرحب و حكمن و تميزن ، و مما لا شك فيه أن وصولهن إلى عتبة مرتبات الملكات والجلوس على العروش جعل سلطتهن ونفوذهن داخل البيوت لا تقل عن مثيلاتها خارجها. ولا شك في أن امرأة هنا أو هناك نجحت في أن يكون دورها أكبر ثمرة لشخصيتها و قدرتها و إرادتها وربما نتيجة لكون الرجل بلا إمكانات و مسلوب الإرادة أو مُعتمداً عليها كل الاعتماد.على أنه لا يُظن بأن ذلك قد حدث نتيجة قناعة من قبل الطرفين بأنها ما دامت تقوم بواجبها و تُؤدي وظيفتها على أكمل وجه فلا بدّ لها حينها من حق الاستمتاع بحقوقها كاملة غير منقوصة

. د. بشار عيسى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار