الوحدة 25-4-2022
المسافات بينَ الآخرين ليست مسافات الحدود بل مسافات الأرواح. قد يحتلُ روحك شخصٌ بعيدٌ يعيشُ في فكركَ وفؤادكَ، ويجلسُ قربكَ أحدهم ولاتشعر به، وكأنه بعيدٌ عنكَ بعد السمواتِ عن الأرض. لن تستطيعَ أن تكونَ على مسافةٍ واحدةٍ من الجميع، ذلكَ صعبٌ وضربٌ منَ الجنونِ، المسافةُ الواحدةُ منَ الجميعِ تكونُ بإلقاءِ السلامِ أو ردهِ حتى وإن كانَ الآخر عدواً ولو كنتَ على علاقةٍ متوترةٍ وبخلافٍ معهُ، وتبادلُ عباراتِ المجاملاتِ الاجتماعيةِ مع الآخرين وإلقاء الأسئلةِ المتداولةِ عن الأحوالِ، وتأديةُ الواجبِ الاجتماعي خاصةً في الشّدةِ، دونَ الوقوعِ في فخِ الرياءِ والنفاقِ ، مع عدمُ السماحِ باختراقِ الخصوصيةِ والاحتفاظُ بالاستقلاليةِ مع مسافاتِ أمانٍ مقبولةٍ. وهناكَ من تربطنا بهم علاقةُ المودةِ والانسجامِ، متواجدونَ في حياتنا كالنسمةِ العليلةِ، نستظلُ الطاقةَ الإيجابيةَ منهم ، ونتبادلها معهم كلما التقينا. وهناكَ من يضيء وجهنا ببشرٍ عندَ رؤيتهِ، وتظهرُ علائمُ اهتمامنا بهم ، ويزرعونَ في نفسنا الفرحَ والمسرةَ ، ويعزفونَ على قيثارةِ روحنا ألحانَ الطمأنينةِ والهناءِ وترانيمَ صلاةِ المحبةِ الصافيةِ. كل تلكَ المشاعرِ على اختلافِِ قلتها أو فيضانها، اصطناعها أو صدقها، قابلةٌ للتغيرِ نحوَ الأفضلِ أو نحوَ الأسوءِ ، فالإنسانُ كائنٌ قد تغلبهُ العاطفةُ وقد يغلبهُ العقلُ ، ويبقى الاعتدالُ في بعد المسافاتِ أو قربها مع الآخرين بالعلاقاتِ الاجتماعيةِ على اختلاف مسمياتها ، هو الطريقُ المنطقي الأسلم.
تيماء عزيز نصار