الوحدة : 24-4-2022
(أيّها النّسّاجون أريد كفناً واسعاً لأحلامي).. هذه إحدى أشهر عبارات الأديب السوريّ الراحل محمّد الماغوط، الذي مرّت ذكرى رحيله قبل أيامٍ قليلة.. مَن منّا لم يحفظ نصوص مسرحياته، ومَن لم يضحك ملء قلبه تلك الضحكة المجبولة بالحزن والبؤس والشقاء.. ولمّا كان الماغوط أحد أعمدة الشّعر والأدب والثقافة السورية والعربية حاضراً بآثاره ومآثره، كان لابدّ من الإضاءة على مسيرة حياته في بضعة سطور تلخّص لمحةً عنها رغم صعوبة الإحاطة بإبداعاته وعطاءاته: إذ ترك المدرسة مبكّراً بسبب فقر عائلته.. عمل في الصحافة وكان من مؤسّسي صحيفة (تشرين) السورية.. سافر إلى الشارقة وعمل في صحيفة (الخليج)، هناك.. اختبرته الحياة في غير محنةٍ لعلّ أشدّها وقعاً وفاة زوجته الشّاعرة سنية صالح. ألّف عدداً من المسرحيات السياسية الناقدة التي مثّلها الفنّان الكبير دريد لحّام، وتعدّ علامةً فارقةً في تجربة المسرح العربي السّاخر مع توليفةٍ كوميدية سوداء جعلت منها تراجيديا درامية تجسّد مرارة الواقع العربي ومأساته آنذاك، والتي حوّلها الماغوط إلى فنّ وأمل وحزن جميل، وهي: ضيعة تشرين، كاسك يا وطن، شقائق النعمان، وغربة.. ومن أهم أعماله السينمائية: فيلمَا الحدود والتقرير، ومن مسلسلاته أيضاً: حكايا الليل، وين الغلط، ووادي المسك.. ومن دواوينه الشعرية المتفرّدة بعدم الخضوع لوزنٍ أو قافية، ذات الإيقاع الشعري الذي حيّر النقّاد في تصنيفه وتصريفه نذكر: الفرح ليس مهنتي، حزن في ضوء القمر، غرفةٌ بملايين الجدران.. الماغوط أديبٌ استثنائيّ، وشمٌ يستحيل أن يُمحى من ذاكرة الأجيال، وعملاقٌ في الأدب والإبداع الفكري والإنسانيّ المصقول بالموهبة المتقنة والتجربة الرّائدة، سيبقى في الوجدان والذاكرة رقماً صعباً لا مثيل له في السّاحة اللغوية والفنية والفكرية.
ريم جبيلي