خالد حسن مع ” هروب” في أولى تجاربه الإخراجية

الوحدة : 13-4-2022

 

 لعلّ الصراع الأزلي مابين الخير والشر هو الذي يعيد الأسئلة التي تتوالد بهما كل يوم, ومافتئت الأجوبة تتوه في ازدواجية الفكر البشري وأثقاله، وفي كل هذا الزخم من الجدل الفكري والنفسي والمادي يتصارع الإنسان للفوز بمكاسب الحياة .

لكنه في النهاية يجد أنه سابق عمره, ويظل في رقعة من شطرنج تتأرجح حدودها مابين السلطة والنصر في سعي حثيث لأن يصل في كل المساعي إلى ” كش ملك”، تلك هي الحياة باختصار.

الشر والخير عنوانان لها، ندور في فلكهما حتى ندوخ… الشر ينتصر والصدق يُعدم تلك هي المقولة التي أضاء عليها العمل المسرحي ” هروب ” في مهرجان أليسار الثالث, ولأن النص الأصلي للدكتور محمد بصل يجنح فيه لانتصار الخير، إلا أن للمخرج خالد حسن رؤية أخرى معاكسة تماماً انتشلها من الواقع المعاش الذي يقوى فيه الشر ويموت الخير. حول هذه الرؤية والتجربة الإخراجية المسرحية الأولى كان لنا هذا الحوار مع مخرج العمل.

: * كيف يمكن تطويع النص والتعامل مع مفرداته في أول تجربة إخراجية؟

 – النص الأصلي للدكتور محمد بصل كانت برؤية الصدق في صراعاته التي يلاقيها كحالة موجودة في المجتمع بقوة، أنا كان لي رؤية أخرى للصدق المرفوض دائماً وغير الموجود حتى، فالإنسان الصادق يُرفض ويُقاطع من كل الناس, هذا ما حاولت إيصاله من خلال هاتين المملكتين في هذا العرض المسرحي اليوم, ونحن بممالكنا الشخصية والحياتية والعامة أيضاً نرى نفس الشيء، فأنا طوعت النص بما يخدم الفكرة.

. * ماهي المساحة المتاحة لك لتطويع النص وإزاحته إلى فكرتك ورؤيتك؟

 – أنا بفضل د.محمد بصل الذي كان متعاوناً جداً وقبل كل التغييرات التي عدلت فيها على النص حين أخذته إلى غير اتجاه ، فوافق عليها وأحبها وعمل معي على هذه الرؤية *

– كونها التجربة الإخراجية الأولى،كيف تعاملت مع آليات التنفيذ لملاقاة الجمهور وملاقاة نفسك كونها تحمل تحدٍّياً ذاتياً لك أيضاً ؟

 – الذي يحدد الامتحان كنتيجة هو الجمهور نفسه،أتمنى أن يكون قد نال إعجابهم،والأمر لم يكن بالسهولة لأن بعض الممثلين كان لهم الظهور الأول على خشبة المسرح أيضاً، فكان لي اهتمام أكبر للكلمة بالدرجة الأولى لأنها تحمل فكرة العرض ومقولته، واخترت اللغة العربية الفصحى المهملة في بيئاتنا، كما ركزت على كيفية تحركهم مع الإضاءة،وكيف التحرك حيث الهدف وإليه.

. * كم استغرقت التحضيرات لهذا العمل؟

 – استغرقت التحضيرات تقريباً خمسة أشهرٍ مع جهد كبير من جميع العاملين ( الممثلين والإداريين والفنيين.

). * إصرارك على وجود رقعة الشطرنج في المشهدين للمملكتين،هل كنت تحاول إثبات أن فكرة الحياة هي كالشطرنج؟ – نعم, تماماً،كلنا نلعب الشطرنج حتى دون أن نعي أننا نلعب الشطرنج، لهذا أصريت على وجود الشطرنج في المكانين للمملكتين لأكرس الفكرة، ولأن الشطرنج غير محدد تاريخ ظهوره كلعبة،لذلك مقولة العمل أيضاً غير محددة بزمن ولا مكان واضحين، وما يجول بأغوار النفس هو ما حاولت إظهاره.

. * من كلامك السابق أسالك كم قاربت هذا الزمن والمكان الذي نعيش فيه؟

 – حاولت أن أوجهه كما هو وكانت فكرتي الأساسية لأن الصدق مرفوض بشكل حقيقي, وبالصدمة نفسها التي يحملها وهي حبل المشنقة، والفرق مابين العدالة والمساواة فليس كل الناس على سوية فكرية ونفسية واحدة.

. * ماهي الصعوبات التي واجهتموها في الظروف لإتمام العمل؟

 – للأمانة كأشخاص وككوادر إدارية كان لنا مطلق الحرية في التصرف والتحكم بالعمل ،وتعاونوا معنا بالطاقة القصوى,لكن إمكانيات مسرحنا ضعيفة إضافة إلى أن المسرح يعاني من حالة ضعف،وخاصة أن المسرح يتمتع بفضاء واسع ومكشوف، وحالياً له مشاكله المادية من ناحية الصوت والإضاءة, فمثلاً هنا على المسرح يوجد 6 قطع إنارة فقط،وهذا بسبب الوضع العام وما تمر به سورية من وضع مؤلم وصعب.

. * أنت حاصل على شهادة في الإعلام،والإعلام مهمته رصد الواقع والإخبار عنه، وأنت الآن تقوم بمهمّة المخرج،ماهي المسافة بين الإعلام والإخراج لإيصال الحقيقة ؟

 – الإعلام والإخراج مرآة للمجتمع، وأنا هنا قدمت المجتمع كما هو من الداخل،وهذا مُلاحظ في العمل بإظهار كل الصفات التي تعيش معنا من الأنانية والحقد وحب المال والسلطة والطرق والأساليب لتطويعها لمصلحتنا.

. * في هذا الظرف الصعب الذي تمر به سورية،ماذا تبقى من الفنون, وخاصة المسرح, هل له المقدرة بالنهوض برسالته ولها؟

 – بقينا نحن، الإنسان الأهم نحن نستثمر بالإنسان وهذا جليٌّ في هذا العمل مع المقدرة الكبيرة والتصميم الصادق لإيصال رسالتنا على المسرح, وكنا قادرين،ونحن كالفينيق نقوم دائماً.

سلمى حلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار