الجريمة و عقابها …

الوحدة 11-4-2022 

 

الجريمة في أصل مفهومها الواقعي الاجتماعي هي ذلك السلوك الإنساني الذي يتضمن عدواناً على الحقوق أوانتهاكاً للقيم و الأخلاق الاجتماعية الثابتة ، فالفعل الإجرامي في معناه العام يمثل عدواناً على الأشخاص والممتلكات أو حتى انتهاك القيم و الآداب الاجتماعية و كأصل عام أنه بعد التثبت من إسناد الجريمة لمرتكبها توقع عليه عقوبة جنائية ،ولعل الغاية من العقوبة هي إضاءة الشعور العام بالعدالة مع إصلاح تأثير الأذى الذي تُحدثه الجريمة في صميم عمق الضمير الإنساني، وللعقاب فعلاً مفهوم كلاسيكي محدد جداً فهو في أصل معناه الجزاء أو المقابل و وظيفته هي تحقيق العدالة كوظيفة أخلاقية و الجدير ذكره بأن أهداف العقوبة تطورت تطوراً ملحوظاً على صدى فلسفات أساطين الفكر حيث تغلب اعتبار الأخلاق الاجتماعية التي أحلت فكرة الخطأ مكان فكرة الخطيئة مع إقرار الإخضاع لنظام تدابير وقائية وعلاجية و تقويمية وحتى إصلاحية بحسب كل حالة وصولاً إلى تحقيق العدالة المرجوة .المسؤولية الجنائية لا تُحمَل إلا لمن بلغ سن الرشد ، وأما المراهقون فلا سبيل لمساواتهم بأقرانهم من البالغين و طبقاً للنظريات التربوية فإن الأحداث يتوجب دائماً تقويمهم وفقاً لتدابير ذات طابع تربوي و توجيهي ما داموا في طورالنمو بهدف إصلاحهم لإنقاذهم من السقوط في وهدة الإجرام وعالم الجريمة نظراً لأن العقوبات بمعناها الصحيح لا تُفلح بيقين في تحقيق هدفها المنشود بل إنها أدعى في كثير من الأحيان إلى تثبيت نواة نزعة الإجرام في النفوس بدلاً من انتزاعها من الصدور ، وعموماً يكون لجسامة التصرف الإجرامي صداه في تحديد التدابير الواجبة التطبيق. فإذا صلحت تدابير التوبيخ أو التسليم لمن له الولاية بالنسبة للوقائع التي تشكل مخالفات أو جنحاً معاقباً عليها بالغرامة فحسب فإنه على النقيض لا تصلح هذه التدابير مع ارتكاب جناية أو جنحة مشددة ، و قد دفعت الحاجة وضروراتها إلى اتباع جملة تدابير أُخرى تُوفي بأغراض السياسة الجنائية التربوية المعاصرة و تُراعي جملة إجراءات خاصة للمحاكمة أمام القضاء المختص و على سبيل المثال. فالتدريب المهني و إلزاميته يُعد من أنسب التدابير الفعالة للغالبية العظمى في عموم المجتمعات إضافة إلى خيار اللجوء إلى الإيداع في بعض معاهد التأهيل.يجدر القول هنا بصراحة :إن صُلب المفهوم العلمي و الاجتماعي للتدابير الجنائية يقتضي بحزم و حذر المُعاملة عقابياً مُعاملة فريدة تتفق مع المنطق الحديث و أركان الحالة الواقعية بكل أبعادها و شتى الظروف الحالية بُغية رسم خطوط شكل المعاملة المجتمعية لعموم ألوان هذه الحالات بغض النظر عن مهمة التبحر في ظروف و أسباب الانحراف على الرغم من أنها ضمانة عاطلة من أي قيمة فعلية عميقة في عديد من صيغ النماذج الحياتية و أشكال القصص اليومية .

د. بشار عيسى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار