الوحدة: 23- 3- 2022
أيام لا تتجاوز الأسبوع، كانت كفيلة بقصف أحلام راودت مخيّلة الكثيرين وخاصة أبناء الأرياف الذين وطّنوا آمالهم على زراعات ربيعية منزلية .. بياض خيرات السماء حرق فروعها وشتولها الغضّة تسرّب داخل الأتربة الحمراء للقضاء على درنات وحبّات البطاطا الصغيرة والكبيرة، هذا هو الحُكم الإلهي الذي لا رادّ له، بالشكل العام، هي سنين أقسى ما تكون بعجاف سيدنا يوسف (ع ) الذي تنبّأ بها، حيث أخذ و( حكومته ) يدّخرون ويخبؤون مؤنة السِني السبع، وما نحن فيه ليس بحاجة لنبوءة أو أحلام، فمصيرنا محتوم ومعروف، ظلّت آمالنا محشورة ضمن بوتقة واحدة، مدخراتنا بالكاد لشهر واحد سواء كانت غذائية أم وقود طاقة كنّا نتغنّى بكنوزها الدفينة لوقت الّلزوم والحاجة، فهذه الأزمات والمستجدات سرقت حتى الكنوز والأحلام التي كان يُعوّل عليها الكثير، وأصبحت حكوماتنا المتلاحقة وفرقها الاقتصادية بحالة حيرة، لاحول ولا قوة لها، لكنها ولله الحمد قادرة حالياً على تأمين رغيف الخبز الأوحد، وقد يكون هو الآخر على قائمة المجهول القادم بسبب حرب طاحنة تدور رحاها على أبواب مخازين القمح العالمي ووقوده الوافر المتعدّد.
وبالعودة إلى وضعنا وما كنّا نأمله من مزروعات حقلية تُنجينا قسوة الأسواق، هي الآن تحت وطأة العجرفة وغضب الطبيعة، حيث أطاحت بمزروعات ومحميات باكورية تعيلنا لحين بلوغ آمالنا من الزراعات الصيفية الأخرى وهي كثيرة وذات عائدات جيّدة تناسب المزارع والمستهلك من كافة المناحي، وحتى هذه اللحظة لا زال الأمل موجوداً طالما سدودنا اكتنزت مخازينها من مياه الشرب والري، وبقي أن يبتعد شبح الطقوس الهاربة من القطب البارد وحربه المسعورة، لتبدأ من جديد دورة زراعات حقلية ومنزلية تُعيل استحقاقات الحياة اليومية الباهظة، وننتظر جلاء الصقيع ليتبيّن وضع تلك الحبوب والأقماح التي بدأت تلون الحياة بخضارها قبل هذه المقتلة السماوية من الثلوج والصقيع وما رافقهم من عواصف مجنونة هوجاء.
سليمان حسين