الوحدة :18-3-2022
لم تعد مصطلحات (المتسولين) قادرة على كسب تعاطف المارة، ربما لأن من يمرّ من أمام المتسول هو أشدّ حاجة منه لكل ألف ليرة في جيبه، إن وجدت بالطبع! أي حرب ستفرز واقعاً مغايراً، والحرب التي فُرضت على سورية أخذت بمنطق الحرب، وتركت آثاراً ربما لم نكن مستعدّين لها، وربما لم نكن نتخيّل أن تتطور نتائجها إلى ما نحن عليه الآن.. إعادة إعمار ما دمّرته هذه الحرب هو شعار هذه المرحلة، بغض النظر عن مدى تنفيذه، وهذه مسؤولية الدولة بمؤسساتها التشريعية وأدواتها التنفيذية، لكن هناك جوانب أخرى قد تكون أكثر إيلاماً من توقّف معمل عن العمل، أو حتى من الحصار المفروض على بلدنا، ومنها ثقافة المجتمع، والتي ستربي أجيالاً قادمة.. التسوّل ليس حالة جديدة، وليس حكراً على بلدنا، ولكنه تفشّى في بلدنا إلى درجة لم يعد مقبولاً فيها، ووجب التحرّك الجاد للحدّ من خطورتها وبشاعتها.. أسباب كثيرة زادت عدد المتسولين، وأسباب أكثر منعت كثيرين من التعاطف معهم، ولسنا هنا بصدد تحليل الظاهرة ودراستها، وإنما بصدد الإشارة لها من جديد، والتذكير بمخاطرها من جهة أخرى، فمن المؤسف حقاً أن يزداد عدد المقتنعين أن التسوّل هو مستقبلهم، ومن وارداته سيبنون حياتهم القادمة! التسوّل سواء أكان فردياً أو جماعات، هو سلوك اجتماعي عنوانه الفقر، ولكن دوافعه ليست كذلك دائماً، وقد لاحظنا الكثير من الأعمال التلفزيونية التي صوّرت لنا التسول على أنه (شبكات منظمة) في بعض الأحيان، الأمر الذي أساء إلى التسول على أنّه (حاجة)! هناك جهات اجتماعية ودينية ومؤسسات تربوية عليها أن تتصدّى لهذه الظاهرة من خلال دعم المحتاجين حقاً، ومن خلال انتشال المتورطين فيها، ومن خلال توجيهات وتشريعات جديدة.
إيفا الحكيم