الوحدة :18-3-2022
سؤالٌ يهز عرش كرسيه ويضعنا بين كفتي ميزان .الصراحة مملكة للواثقين العارفين والمجاملة ساحة نزال لإرضاء بعض الخارجين عن وطن الحقيقة في مجتمعنا بل في كل المجتمعات ، هناك السالب والموجب وهناك الكذب والحقيقة وهناك قاب قوسين من التهرب (الضريبي ) للكلام غير المسؤول أي بما معناه ، نتحدث مع شخص ما بلغة العقل السليم، فنلاحظ بأن ما يجول في فكره غير واقعي وغير منطقي وبعيداً عن الحقيقة. ومن أسوأ الأشياء هنا هي المجاملة.. فإذا جاملنا ذلك الشخص، حتماً سنكون شركاء معه في الكذب واللامنطقية ، وهنا تبداً الكارثة ،أي أننا خلقنا أو ساهمنا في خلق مجتمع آخر مبنيّ على المجاملة – الكذب والرياء – وهذا قد يشكل خطراً كبيراً على المجتمع وعلى تدني مفهومه وعلى بناء ثقافة الانحطاط والضياع .. هذا من الجانب السلبي . أما من الجانب الإيجابي ،المجاملة هي عبارة عن عامل إرضاء ومسايرة لشخص ما حتى لا نكسر بخاطره أو حتى نتجنب موقف ما ،والمجاملة الحقيقية هي عندما تحاول إقناع طفلك بالدراسة مثلاً أو بالابتعاد عن الأشياء غير المرغوب بها مثل الابتعاد عن رفاق السوء أو الابتعاد عن أماكن غير مرغوب بها . أو حضه على القيام بعمل ما . عندها سنضطر للمجاملة ولكن بشكل إيجابي حتى نحصد ما كنا نبتغيه ونزرع التفاؤل والأمل في نفوس أطفالنا. أما بالنسبة للحقيقة: فهي مفتاح النجاة وهي فردوس المكان الذي تعيش به و سلاح تتحدى به الآخرين، والحقيقة لابد وأن تنهج مناهج الصدق وأن تتحلى بالصراحة فيما بينها حتى تستمر ويستمر عصر التقدم والازدهار . وهنا بعض الآراء لبعض السادة المواطنين الذين التقيناهم وسألناهم عن رأيهم و بمنتهى الشفافية والموضوعية: – السيدة نجاة خليل محامية وعضو في نقابة محامي طرطوس قالت : الصداقة كنزً ،ولكن ..أين هي الصداقة لنحصل على الكنز .!!! بحثت عن صديق صدوق فلم أجده كمن يبحث عن بيض نوق .لايأتيك الغدر إلا ممن أمنته .. ولكن تبقى الصداقة منبعها الصدق في كل شيء بين الأصدقاء ، فالمشكلة بالشخص وليس بالصديق ؛ وهيهات تجده .لذلك تحل محل الصداقة إن تعاملنا بصراحةٍ مطلقة مسميات :الزمالة ،الرفقة . لكي تكسب ود من تتعامل معه ويكسب ودّك وحتى تتكشّف الأمور والمصالح والمشاعر ،ولا دوام لأي علاقة مهما طالت أم صغرت إلا باحترام الشخص ويظهر الاحترام بالمواقف. أما المجاملة الكاذبة لدرء العلاقات المشبوهة ، فحبلها قصير ولاتحتاج للكثير من الوقت لكشفها .. فكل الأصدقاء معارف ،وليس كل المعارف أصدقاء ، والمجاملات الصادقة لكسب الود والاحترام بين الطرفين ،فهي ليست صداقة ولكنها مفتاح . – السيدة سهام خير بك :مدرسة لغة عربية قالت : شكراً لهذا الطرح القيم الجدير بإلقاء الضوء عليه ومناقشته. سأكتب عن المجاملة في هذا العالم الأزرق ،حال الناس والمجاملة لقد تجاوزت كل حد هذه المجاملات الفيس بوكية. المجاملة هي اللطف بالحديث والكلمة لكن إن غيرت الحقيقة فهي نفاق ،أنا مع مجاملة بكلمة صغيرة تكون حافزاً لنا ولكل من يحتاج دعماً أو تحفيزاً لنتاج أفضل بعطاء أو سلوك أو عمل ما. المجاملة هنا فعالة ومفيدة لكن إن استحسنا قبحاً حينها ،المجاملة نفاق وضرر و لاضير بمجاملة للمبتدئين بأي عمل إن كان أدبياً أو عملاً مهنياً أو وظيفياً شرط أن تبقى المجاملة ضمن المعقول والمقبول لأن المجاملة الزائدة تفسر وكأنها إقرار بأن من نجامله قد وصل للقمة وبالتالي لن يحسن ويطور نفسه وربما يتسلل الغرور إلى نفسه. بشكل عام نحن مجتمع تحكمه المجاملة في جميع مجالات الحياة ،نحن نقول للشخص مايحب أن يسمع منا لا حقيقة مايجب أن نسمعه أي رأينا الصريح ربما يكون أحوج له بساعة وعمل ما. – السيد صالح زيدو ، قال : لقد أتيتم على موضوعٍ في غاية الأهمية لما فيه من دقة في رسم العلاقات الاجتماعية.فالمجاملة مطلوبة إلى حدٍّ معين وإلاّ أصبحت رياء وكذباً، المجاملة تكون في الأمور العادية أما في الأساسيات فغير مقبولة فأحياناً نضطر للمجاملة من أجل إصلاح أمر معين وهذا شيء جميل والصراحة مطلوبة أيضاً لكن أيضاً لحدود عدم التجريح بالآخر. – السيدة امل جركس عضو منظمة الهلال الأحمر الدولي كان رأيها كالآتي : لقد تعددت المفردات باللغة العربية وأصبحت كنظرية نسبية ،الصدق هو العنوان والمجاملة سلوك اجتماعي يمنعنا من أن نذكر بوضوح ما لم يعجبنا ولكن بحجة عدم إيذاء المشاعر نجامل ونقول عكس الحقيقة. وهذا من وجهة نظري شخصياً نفاق اجتماعي وإعماء الآخر عن الحقيقة التي إن تكلمنا الصدق يمكن أن ينتبه ويتجاوز خطأه وبحجة الصراحة. في بعض الظروف يمكن أن نقوم بإيصال رسالة قد تتسبب بكثير من الخراب والإيماءات الحسنة.لذلك علينا بالصدق ضمن حدوده بلا مبالغة. والحقيقه بكل تهذيب بلا خلفيات إيمائية مبطنة بالإيذاء. – السيد أحمد داؤد مدير ملتقى الشراع للثقافة والإبداع قال أيضاً : بكل صراحة سأقول إن الصراحة ثقافة والمجاملة ثقافة ولكل منهما أبعادهماوحيثياتهما.أما بالنسبة للصراحة في مجتمعنا وخاصة في الظروف الراهنة فهي مطلوبة إلى أبعد الحدود .. لأن ما جرى من مآس ونكبات ٍفي بلدنا كان ذخيرته الكذب والرياء والدعايات المنافقة ولنكون في مأمن مع ذاتنا ومع الآخرين يجب علينا أن نتحلى بالصراحة وأن نبتعد عن المجاملة ، لأن ما بُني على باطل فهو باطل وبعض المجاملة فيها الشيء الكثير من عدم. الحقيقة والمجاملة بمفهومها الحقيقي هي إرضاء الآخر على حساب الحقيقة .. فلا حقيقة في أي مجاملة ولا وطن سليم إلا في صراحة أبنائه وفي حقيقتهم التي بُنيت على الصدق والوفاء.
معينة أحمد جرعة