الوحدة: 6-3-2022
خلال جولة على بعض أسواق اللحوم وما يقابلها في أسواق الخضار بأنواعها وتحديداً من السوق الأكثر شعبية في مدينة اللاذقية (سوق قنينص المُحدث)، وذلك للبحث في إمكانية صمود طبقة الغالبية العظمى من ذوي الدخل المحدود، والسير إلى الأمام بخطى ثكلى لاستمرار الحياة اليومية حسب مقدرات المعاش أو الراتب التقاعدي .
فقد بات على هذه الشريحة الأكبر في مجتمعنا أن تُصبح (عاشبة) في تعاملها مع الغذاء اليومي بعدما أصاب السِلع المتداولة في الأسواق ارتفاعات غير مبرّرة في أسعارها، بدءاً من أسعار اللحوم وتحديداً الفروج الذي أصبح وجوده على الموائد غير وارد على الإطلاق، حيث أن قطعة واحدة من جسم ذلك الطير أصبحت تقارب الثمانية آلاف ل.س أو أكثر بقليل، أمّا اللحوم الحمراء فعنها سكتة أبدية بالنسبة للشريحة الفقيرة، وبالنسبة للأسماك فيمكننا رؤية ثلاث قطع منها مقطوعة الرأس بعلبة سردين قادمة عبر البحار، العائلة الصغيرة بحاجة ثلاث أو أربع عِلب منها مع تغليب وتكبير لقمة الخبز وإضافة الزيت عليها (إن وُجد) وبذلك سيتحتم دفع مبلغ أكثر من عشرة آلاف ليرة ثمناً لتلك الوجبة السردينية.
لذلك ومن خلال أسعارها المقبولة، أصبح لزاماً علينا التحوّل إلى الخضراوات كغيرنا من المخلوقات (الأخرى) وهذه الخضار على أقلّ تقدير وتعبير هي صديقة حميمة للجهاز الهضمي وفيها العديد من العناصر الضرورية لجسم الإنسان، وهنا نواسي أنفسنا بعض الشيء لأن الكثيرون من الأطفال الصغار لا يحبذون تناول تلك الخضار على مدار الأسبوع، علماً أنّ بعضها ذو عمر قصير كالهندباء والقرّيصة والجرجير هي ربيعية سنفتقدها قريباً ونكتفي بالسلق والسبانخ والملفوف والخس وهذه الأنواع ستجفّ من الأسواق شيئاً فشيئاً مع قدوم الصيف، وبالتالي سيصيبها ارتفاع ملحوظ بالسعر بسبب الرعاية المضاعفة لها في غير وقتها، وإنتاج بعضها ضمن البيوت المحمية، وما علينا سوى انتظار موسم الفول الأخضر ريثما يتخلّى عن سعره المجنون حالياً (٥٠٠٠ آلاف ل.س) فقد ينقذ موائدنا لحوالي الشهرين بعدة طُرق من طهيه.
وبالعودة إلى الموائد فلا بُد من تشكيلها بين الحين والآخر بالرز والبرغل والعدس والشوربات، حيث بدأت هذه الأصناف تختبئ عن الأعين وسعرها بدأ يتصاعد نتيجة الإقبال المتزايد عليها، بسبب تداعيات الحروب وتوقف التوريدات، وهذا ما يدمي قلوبنا، حيث كنّا نتغنّى بتلك المحاصيل وخاصة القمح، ففي سنين مضت لم يكن باستطاعة الحكومة استيعاب إنتاجه الهائل ضمن الصوامع فعمدت إلى طمره بالأرض بطُرق علمية للحفاظ عليه، كما استعانت العديد من دول العالم بكنزنا الثمين هذا وأعطينا العالم دروساً مطوّلة حول كيفية الاعتماد على سِللنا الغذائية المتنوعة مهما اشتدّ الحصار، فأصبحنا نفتقدها الآن ونتحسّر عليها بسبب أياد الغدر والظلاميين وانصياعم لتُرّهات العدو المتربّص في الخارج والداخل .
سليمان حسين