الوحدة2-3-2022
دمشق-سانا
قال وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد إن سورية من أكثر الدول التي خبرت الغرب ونفاقه فهو يجمع بين شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان وبين ممارسات الاحتلال والعدوان والتهديد باستخدام القوة وتسخير الإرهاب والحصار الاقتصادي وفرض النفوذ السياسي على الدول وحكوماتها من أجل نشر الفوضى وتهديد السلم والأمن وتحقيق مصالح اقتصادية وسياسية وعسكرية.
جاء ذلك في لقاء حواري على مدرج جامعة دمشق نظمه اليوم المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني لطلبة سورية بعنوان “من البوابة الأوكرانية .. تصحيح التاريخ وإعادة التوازن الدولي قراءة في مجريات الأوضاع على مستقبل سورية ودورها في مواجهة التحديات”.
وقال المقداد عن موقف سورية تجاه ما يجري في أوكرانيا: نحن نقف مع الأصدقاء والحلفاء في روسيا الاتحادية وسورية اختارت دائما تمتين العلاقات مع من يحترم سيادتها واستقلالها ويقدم لها الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي واليوم وبعد أكثر من عشر سنوات من الحرب الإرهابية لم يعد بمقدور أي طرف أن يعتبر الحياد أو الوقوف في الوسط خياراً.
وأضاف إن السوريين لن ينسوا من وقف معهم ومن وقف ضدهم ولذلك فإنني أعيد التأكيد على حقيقة أن القيادة السورية كانت على الدوام تعكس نبض الشارع السوري العربي وهي لم تتخل يوماً عن مواقفها ومبادئها ولم تمارس الحياد السلبي وستبقى تبني علاقاتها الاستراتيجية على أسس احترام السيادة الوطنية وحق جميع شعوب العالم في الاستقلال وتقرير المصير والأمن والرفاه دون تمييز أو انتقائية.
وأشار المقداد إلى الفارق الأخلاقي والقانوني والسياسي الشاسع بين الغرب ممثلاً بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والشرق ممثلاً بقوى بارزة في مقدمتها روسيا الاتحادية وجمهورية الصين الشعبية.
وذكر المقداد أن طلب موسكو كان واضحاً من كييف في السنوات الماضية وهو احترام حقائق التاريخ والجغرافيا والامتناع عن أي ممارسات انتقامية ضد الروس المقيمين عبر التاريخ في الأراضي الأوكرانية وألا تسمح حكوماتها لأي طرف خارجي باستخدام الأرض الأوكرانية كذراع يستهدف أمن واستقرار ورفاه روسيا الاتحادية وحلفائها في تلك المنطقة من العالم.
وأضاف المقداد: للأسف أن الحكومات الأوكرانية المتعاقبة تبنت سياسات سلبية وخطيرة تجاه روسيا بل واستغلت الحركات القومية المتطرفة من أجل تصعيد الحالة العدائية ضدها وصولاً إلى المطالبة بحقوق كاذبة في التراب الإقليمي الروسي.
وقال المقداد إن الغرب لم يكن في منأى أو بريئاً مما يجري بل لعب منذ البداية دور المحرض الذي أغرى القوميات المتطرفة في أوكرانيا بوعود الانضمام للاتحاد الأوروبي والحصول على المساعدات والحماية العسكرية مقابل رفع مستوى العداء والتهديد ضد روسيا الاتحادية.
وبين وزير الخارجية أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لم يتخليا في يوم من الأيام عن السياسة العدوانية والتوسعية تجاه روسيا والصين وكل الدول التي لا تخضع للهيمنة الغربية.
وقال: اليوم يسعى الغرب إلى استغلال الآلة الإعلامية الموجهة لتقزيم الصورة الحقيقية لأسباب الأزمة الأوكرانية وزعم أن لروسيا أطماعاً متجذرة في الأرض الأوكرانية وتريد احتكار “حق مزعوم” لكييف في الالتحاق بالديمقراطية الغربية والانضمام إلى حلف شمال الأطلسي بل ويتهم روسيا بكل وقاحة بأنها هي من تتمدد في المنطقة لتصل إلى حدود الاتحاد الأوروبي.
وأشار المقداد إلى أن هناك في واشنطن وبروكسل من يريد أن تتخلى موسكو عن مصالحها الوطنية العليا وأمنها وعوامل قوتها في إطارها الوطني وفي إطار محيطها الجغرافي والتاريخي الطبيعي وعن مركزها كقوة ثقل سياسي واقتصادي وعسكري إيجابي في العالم مضيفاً: “هناك من يريد من موسكو وبكين أن تتخليا عن رؤيتهما نحو عالم متعدد الأقطاب وأن تستسلم لسياسة وجود قطب واحد في واشنطن يحرك العالم كما يشاء ويستخدم الاتحاد الأوروبي كأداة لترسيخ وجوده”.
ورأى المقداد أن العديد من دول الاتحاد الأوروبي كان يريد تجنب الصدام وكان مقتنعاً ضمنياً بأن القارة الأوروبية ستكون الخاسر الأكبر في حال تصاعدت المواجهة مع روسيا الاتحادية ولكن هذه القناعات لم تكن مدعومة بجهود وسياسة جديتين من قبل الاتحاد الأوروبي.
وقال وزير الخارجية إن الخسائر التي يتكبدها الاتحاد الأوروبي نتيجة التورط في مواجهة غير منطقية مع روسيا الاتحادية لن تقتصر على خسائر اقتصادية ومالية وامدادات الغاز فحسب بل خسائر جدية بعيدة المدى ترتبط بموقع الاتحاد الأوروبي عالمياً وبالوضع الأمني والسياسي والاجتماعي في القارة الأوروبية وبأمن منطقة المتوسط بأسرها ولا أحد يستفيد من ذلك سوى واشنطن.
وعن واقع الأمم المتحدة اليوم قال المقداد إنه يخضع بكل أسف لاعتبارات غير مهنية وغير متوازنة ولا يزال رهين حالة مستعصية من الاستقطاب السياسي والمالي الذي تمارسه الولايات المتحدة وحلفاؤها مستغلين نفوذهم الاقتصادي والسياسي والعسكري.
ورداً على مداخلات الطلبة والاساتذة حول العلاقات العربية العربية قال المقداد: “نامل أن تكون هناك أخبار طيبة لإعادة اللحمة العربية وسورية تسعى وبشكل دائم وبجهد كبير لإعادة الموقف العربي” منوها بموقف الإمارات الإيجابي تجاه الأحداث في أوكرانيا.
وحول انضمام سورية إلى اتفاقية الاتحاد الأوراسي بين المقداد أن سورية طالبت بعضوية استشارية فيه منذ عدة سنوات مشيراً إلى أن الأوضاع الجارية في أوكرانيا ستؤثر على كل العالم وستعكس صورة الصراع بين الشرق والغرب وأن تعددية الأقطاب هي مستقبل العالم.
حضر اللقاء وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور بسام إبراهيم ورئيس الاتحاد الوطني لطلبة سورية دارين سليمان ورئيس جامعة دمشق الدكتور محمد أسامة الجبان ونوابه وأمين فرع جامعة دمشق لحزب البعث العربي الاشتراكي الدكتور خالد الحلبوني وأعضاء قيادة الفرع وأعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني لطلبة سورية وعمداء الكليات وأعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة وحشد كبير من الطلبة.