الوحدة: 2- 3- 2022
بين واجبٍ لا نمتلك كل أدوات القيام به، وحقّ يضيع منّا وعلينا بسبب عدم وضوح الرؤية والإجراءات، ترسم الأشهر المتعاقبة على جبين كلّ منّا أكثر من سؤال لا يولّد إلا مزيداً من الأسئلة والحيرة.. مواقع الرأي، ومنصّات الاستباق والاستنتاج لا تنتج إلا تشاؤماً ويأساً، ما يقود كثيرين منّا إلى أحكام سوداوية تخصّ مستقبل عمرنا.. لن نزرع القمح لأن كميات الأسمدة التي ستُعطى لنا غير كافية، ولأن سعر استلام المحصول من قبل الحكومة لا يحقق هامش ربح… أين المشكلة، ومن تسبب بها، وما هو كنه هذه المشكلة؟
هي (أزمة ثقة مفقودة) حتى بأنفسنا، قبل أن تكون بالآخرين… ربما لنا أسبابنا، وربما هناك وقائع قادتنا إلى ذلك، وما يقوّي ذلك هو أن تفاصيل عملٍ، وجزئيات معيشية، كرّساها، ومازالا يعززانها.. على سبيل المثال، عندما يحسبها موظف قاطن في ريف يبعد من 20-25 كم، وعليه أن يدفع كلّ يوم ألف ليرة ذهاباً وإياباً، و(500) ليرة للنقل الداخلي (سرافيس)، أي ما مجموعه ثلث الراتب، ناهيك عن الإحساس بـ (عدم الأهمية) حيث لا عملاً حقيقياً ينجزه، كلّ ذلك جعل من دوائر القطاع العام قبلةً غير مرغوبة، وساهم بشكل أو بآخر في تفشّي الفساد، وقلّة الإنجاز. غلبة الكمّ على حساب النوع، شكل آخر لترهّل القطاع الإداري، وبدل اللجوء إلى حلول حقيقية لتكدّس الموظفين دون عمل حقيقي لمعظمهم، نُلقي بالمزيد من الهموم لهذا القطاع، والغريب في الموضوع أن مديرين كثر يشكون قلة الكوادر والنقص باليد العاملة. إعادة توزيع العمالة أهمّ بكثير من زيادة أعدادها… في مدرسة ما يوجد 30-50) إدارياً) وفي أخرى ينقصها أكثر من مدرّس!
البلديات تشكو من قلّة عمال النظافة والعمال الفنيين، ودوائر أخرى لا تجد ما تشغل به عمالها! اتجاه التفكير نحو هذه الجزئيات يخفف من وطأتها، أما إفساح المجال أمام الوافدين الجدد إلى سوق العمل فيكون بخفض سن التقاعد دون المساس بحقوق المتقاعد.
غانم محمد