الوحدة 22-2-2022
أبنية حزينة تعانق برودة الطقس، تعلّقت عليها نوافذ مظلمة عصماء، وأخرى خجولة يحتلّها وهجُ شمعة بائسة، يستظل بنورها طالب أو طالبة يحاولون الدخول بمعركة غير متكافئة مع كُتب خاصة بالشهادات ونوطات وملخصات للعديد من العلوم والمعارف، ضمن غُرف جرداء يكتنز سكّانها من الطموح أشياء عظيمة، هذا حال نوافذ وشبابيك معظم بيوت اللاذقية صاحبة الجمال غاوية السهر، هل يُعقل أن تكون بتلك الصورة القاتمة؟ شوارع خاوية بدون حركة وسكون يخيم على الأمكنة، وعقارب الساعة تحاول التماس الحادية عشرة، هكذا أصبحت مدينة الفرح وصاحبة التجمّعات العفوية الراقية جلّها للمرح وتنفس الحياة الحقيقية، كانت تجمع عفوية ابن الساحل والجبل، وشهامة أولاد مدن وأرياف الشرق والشمال والجنوب والداخل الواسع، لتختلط اللكنات والسحنات في بوتقة أخوية، همومها واحدة وتفاصيلها مشتركة، هم أبناءٌ لغرفة واحدة تجمعهم العلوم ونهاياتها المجهولة، يتقاسمون الزّاد والرغيف، لكن الإرادة قوية متراصّة، هم يفعلون ما بوسعهم ليكونوا كما تعودوا، في المكان الصحيح، يأملون كما نأمل جميعاً، ملتزمون جميعاً بطريق الأمل المنشود، والاستيقاظ من كابوس طويل، فنطوي حلقة من حلقات أحلام بعثرها ظلم وظلام عالمي، ننتظر ذلك الغد الأبيض ليعيد لنا كل شيء مضى فيصبح هذا العتم ذكرى، وتعود زحمة السهر بين الأبنية، على الأسطح والشرفات وعلى قارعة الطرق، ليعلن الصباح عن يوم جديد، وينتهي زمن خيبات الأمل والفشل، فنحن نُجيد صنع الأمل وكتابة عناوينه، الغيوم واللحظات الداكنة التي استباحت هذا العقد الطويل ستنجلي، لتبقى أيامه السوداء ذكرى تسترجعها تلك التجمعات والسهرات العائلية، فنرسم أيامنا كما رسمها أهلنا قبلنا، بخطوط واضحة بعيدة عن الحقد الأعمى والتظلّم الموروث .
سليمان حسين