الوحدة : 17-2-2022
الأسبوع الماضي وعلى غفلة من نفسي التي تشتهي الخروج بعد ثبات مطري قسري، قرّرت السفر إلى مدينة المياه المعدنية ( الدريكيش)، حيث حكمت عليّ الأقدار السفر بوسائل النقل الجماعي، وعند وصولي بدأت السحب توشّح زرقة السماء، فكان العطاء الرباني من أمطار خيّرة هو المسيطر على المشهد العام على مدار ذلك اليوم، وفي نفسي ندمت على تسرّعي وخاصة أننا في شهر شباط، الشّهر المزاجي فقرّرت النوم هناك، وإذا كان طقس اليوم الثاني مشابهاً لهذا اليوم العاصف عليّ العودة إلى مقرّي ومستقري في اللاذقية، فكانت السهرة وحضرت الذكريات مع ضيوف وأقارب لنتقاسم لحظات قديمة مشوّقة بريئة دون التفكير بما يحصل خارجاً، لكن الصباح أكّد ما عزمت عليه وهو العودة، وعلى ذلك الموقف وخلال صفنة مريحة قطعها منادٍ من سيارة ركنت قربي، هو صديقي، فخاطبني معاتباً، كنت تنادي المسافرين من الطلاب والعساكر لتسعف وقتهم، والآن تنتظر مثلهم، فألحّ عليّ بإيصالي إلى الكراج الخاص بنقل ركّاب اللاذقية مشكوراً، لتبدأ رحلة ال ٤٥ دقيقة، سرفيس اللاذقية كان بانتظار الضحية في المقعد الأخير بين رجل ستيني وفتاة جامعية تلتهي بمحتويات هاتفها، فجلست بينهم مُكرهاً، وخلال ثوانٍ أُغلق الباب، ثم أحسست بأنني الخروف الضحيّة عند سماعي لأول نبأ مزعج من عطسة يسارية أنهكت صدر صاحبها، محاولاً تنشيف ما فعلت به، فأعطيته كل ما لدي من محارم لعلها تكون عطسة مارقة وأخيرة ولكن هيهات، وكان الأكثر إيلاماً لي هو تبادل القلم والدفتر لتسجيل أسماء المسافرين، فكان نصيبي بعده وملامسة القلم السحري، وعند مسير الباص أحسست بأن هذا الرجل يحاول فتح حديث معي ليكتمل المشهد، فحاولت إشعاره بنعسي واسترخائي، لكن كل حوالي خمس دقائق يعلن عن عطسة أخرى يرميها بين فخذيه مجبولة بالكثير من متمّمات الرشح القوي أو الكريب، فأخذت أعدّ الّلحظات لكي أنجو بنفسي من عدوى جاهل كان عليه وضع كمّامة على أقلّ تقدير وإبعاد تنفّسه عن الجوار، وقدري بمنتصف ال ٤٥ دقيقة أن يشتهي قائد الرحلة جرعة مناسبة من القهوة، ليشعرني بمرارة الحافلات الصغيرة ومزاجية سائقها، وقد زاد في الطين بلّة أنّ الفتاة الجالسة على يميني تُحب الهواء النقي فاتحة نافذتها للهواء البارد الذي أخذ يلفح جسمي متلمّساً رشحة طرطوسية- لاذقانية أخذت تتلاعب بمشاعري وحواسي وقد تكون إحدى سُلالات ( الكورونا وأوميكرونه الّلعين ) . وخلاصة القول يُفترض على جميع المسؤولين عن قطاع النقل والسفر إلزام الركّاب بوضع الكمّامة والتقيّد بطرق الوقاية من الأمراض التنفسية وأنواع الرشح، والقيام بالتعقيم المستمر للمقاعد والنوافذ التي تُعد إحدى مصادر نقل الأمراض والفيروسات.
سليمان حسين