مصروف كبير للطفل.. نعتقد أننا ندلـله لكننا نؤذيه!

العـــــدد 9317

الخميــــــس 21 آذار 2019

 

ماذا يمكن أن تجيب طفلاً في الصف الثالث الابتدائي عندما يقول لك: هل تعلم كم هو مصروف صديقي؟ .إنه يأخذ كل يوم المبلغ كذا، ويشتري الكثير من البسكويت و .. و.. لمَ لا أملك مثله؟ ويتكرر السؤال، و يزداد هاجسه تجاه الموضوع، لعل التفاوت في الطبقات الاجتماعية أمر شائع قبل بداية الأزمة، لكن هناك شيئاٌ مختلفاٌ الآن هناك عائلات تعاني الفقر الشديد ولا تستطيع العيش كغيرها من العائلات فيفرض عليها ذلك الكثير من الأعباء ولعل أهمها مصروف الطفل حيث بات الأطفال يتباهون بما يملكون ولكن هل نلوم الأطفال أم الأهل، مصروف الطفل هو موضوع حوارنا مع الاختصاصية التربوية ريم غسان جحجاح:
* ولّدت الأزمة أزمة مالية ليس على الأهل فقط بل طالت الأطفال وربما هم المتضرر الأكبر واليوم بعض الطلاب يذهبون للمدرسة ومعهم مصروف كبير ليشعر باقي زملائهم بالفرق، هل هذا تصرف صحيح من الأهل برأيك؟
** إنّ هذا التصرف وإن كان نابعاً من حسن نية الأهل واعتقادهم أنهم بذلك يعبّرون عن حبهم الكبير لأبنائهم، إلا أنّ هذا التصرف غير صحيح، وله الكثير من الآثار السلبية على الطفل كما قد يحمّل الأسرة عبئاً مالياً قد لا تستطيع الوفاء به على نحو مستمر.
* ما تأثير ذلك على كل من الطفلين؟
** التفاوت في المصروف بين طفل وآخر يؤدي إلى تأثير عميق في كلا الطفلين خاصة أنّ شخصية الطفل تكون في طور النمو والتشكل في هذه المرحلة، وقد تنتج عن ذلك عواقب وخيمة، فالطفل الذي يأخذ مصروفاً كبيراً يفوق احتياجاته لن يكون قادراً على تقدير قيمة المال والجهد المبذول لتأمينه وقد تتشكل لديه اتجاهات خاطئة للصرف كالإسراف والهدر وشراء ما لا يحتاجه إضافةً إلى اللامبالاة والأنانية وجشع التملك والتكبّر والغرور مما قد يثير مشكلة الطبقات بين الأطفال.
أما بالنسبة للطفل الذي يأخذ مصروفاً أقلّ فمن المحتمل أن يشعر بالنقص والحسد والغيرة وإجراء مقارنات في المستوى المعيشي وقد يدفعه ذلك للقيام بسلوكيات خاطئة كالسرقة أو الحصول على ما يريد بالقوة أو التمارض والغياب عن المدرسة والضغط على الأسرة لتلبية متطلباته، وبذلك نجد أنّ التأثير كبير وسلبي على كلا الطفلين والأفضل هو الاعتدال في المصروف وأن يراعي عمر الطفل واحتياجاته والوسط الذي يوجد فيه.
* ما هو الأسلوب الصحيح للتعامل مع هذه الحالة؟
لأنّ أساس هذه المشكلة يبدأ من الأهل، فإنّ الحل يبدأ من الأهل أيضاً، فلا بدّ من توعية الأهل بسلبيات وإيجابيات المصروف، وضرورة التعامل مع الموضوع بجدية من خلال تقدير احتياجات الطفل وإعطائه مصروفاً يتناسب مع هذه الاحتياجات، والتأكيد على أهمية الادخار وتدريب الطفل عليه وذلك بتشجيعه على ادخار جزء من مصروفه في حصالات ذات أشكال جذابة، أو أن يكون المال كمكافأة على عمل مميز يقوم به الطفل ليدرك أنّ الحصول عليه ليس بالأمر السهل، وبالتالي يقدّر قيمة المال ويتعلم صرفه بمسؤولية، كما ينبغي على الأهل تنمية الشعور بالفقراء والمحتاجين لدى الطفل وإشراكه في بعض الأنشطة التي تنمي هذا الشعور لديه، وأخيراً لابدّ من التركيز على تنمية ثقة الطفل بنفسه ليكون قادراً على مواجهة كافة المواقف التي يتعرض لها سواء في بيئة المدرسة أو خارجها.
* ما هو العمر المناسب لوضع الطفل بصورة الوضع المادي للأهل؟
** ليس هناك عمر محدد لذلك، ولكن قد يكون من الجيد أن يوضح الأهل الوضع المادي للطفل في مرحلة الروضة أو مع بدء دخول الطفل للمدرسة وبدء تخصيص مصروف له بحيث يكون وعيه للمال قد بدأ بالتشكل، علماً أنّ الطفل يهتم لتأمين احتياجاته أكثر من اهتمامه بمفهوم المال والذي يكتسبه من اهتمام المحيط به ومن الخبرات المالية التي تحدث أمامه.
كلمة أخيرة ؟
لقد أصبح المصروف المدرسي للطفل ضرورة لابدّ منها، وأمراً واقعاً فرضه تطور الحياة، ويعدّ المصروف في يد الطفل نعمة ونقمة في آن واحد، وهذا يعتمد على حسن تدبير الأهل وتعاملهم مع هذا الموضوع بدءاً من مراحل الطفولة المبكرة.

رنا ياسين غانم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار