(خمسينية الشتاء) في عاديات اللاذقية

الوحدة:6-2-2022

تعد المربعانية من أقسى أيام فصل الشتاء وأشدها وأكثرها أمطاراً, فهي أيام الخصب ولها قيل (فحول الشتوية بالمربعانية) وهذا معناه أن أمطار المربعانية هي اللقاح الرئيسي للأرض, مصدر خصوبتها وعطائها ومثل المدة المتبقية من فصل الشتاء وهي خمسون يوماً لذا عرفت هذه الفترة بخمسينية الشتاء تبدأ مع بداية شباط وتنتهي في 21 آذار وتقسم الخمسينية إلى أربع فترات تعرف (بالسعودات)مدة كل منها 12.5 يوماً.
هذا ما أشار إليه الباحث الأستاذ بسام جبلاوي في بداية محاضرة بعنوان (خمسينية الشتاء) قدمها بجمعية العاديات وتابع بقوله: تقسم الخمسينية إلى أربع فترات وحسب تسلسلها الزمني هي:
سعد الذابح (سعد ذبح) تبدأ في اليوم الأول من شباط وتنتهي في اليوم الثالث عشر منه, وهناك روايات عديدة في تسميته منها: يحكى أن ابن أحد أمراء البادية واسمه (سعد) غادر وفريق من رجال قبيلته مضاربهم بحثاً عن الكلأ وقبل مغادرتهم أوصاه أبوه قائلاً (إذا هبت رياح جنوبية واضطرب الجو وحل البرد الشديد والمطر الغزير فاذبح ناقتك وجماعتك أيضاً واتخذ وجماعتك من جلود النياق مأوى تأوون إليه ومن لحمها طعاماً لكم) وغادر سعد وجماعته في منتصف كانون الثاني وفي اليوم الأول من شباط هبت رياح جنوبية واضطرب الجو وبدأت الأمطار تهطل بغزارة واشتد البرد وأصبح من الصعب الاستمرار في المسير, فتذكر سعد وصية والده فطلب من جماعته ذلك ولكنهم رفضوا الاستجابة لطلبه عازمين على متابعة الطريق, لكن سعد لم يكترث لرفضهم وقرر أن ينفذ وصية والده ليذبح ناقته ويجعل من جلدها خيمة تحميه من المطر والبرد ومن لحمها ما يقتات به, وبقي سعد مختبئاً في جلد ناقته 12.5 يوماً لا يستطيع مغادرتها وفي اليوم 13 وقد تحسن الجو نسبياً خرج ليرى رفاقه ونياقهم أمواتاً على مقربة منه, وخلال تلك الأيام كان والده قلقاً كثيراً على ابنه ويردد ( إن سعد ذبح ربح- وإن ما ذبح ما ربح).
ويقول العرب (بسعد ذبح ما كلب نبح) و(بسعد ذبح لا راع سرح ولا فلاح فلح) وهو تعبير عن شدة البرد.
وهناك رواية أخرى في تسمية فترات الخمسينية الأربعة بالسعودات, أنه في هذه الفترات تبدو في السماء بعض التشكيلات من النجوم الواضحة التي تجذب النظر والتي استبشر بها الأقدمون خيراً وبركة وأعطوها على وجه التفاؤل تسمية (سعد) لكل منها, فسعد الذابح هو عبارة عن نجمين متقاربين أحدهما شمالي والآخر جنوبي وعند الجنوبي منها يوجد نجم صغير خفيف الضوء يظهر وكأن النجم الكبير يهم بذبحه وتبدو هذه التشكيلة النجمية واضحة عند الفجر خلال فترة (1-12,5) شباط وقيل في لك (إذا طلع سعد الذابح لم تنبح النوابح من الصقيع الفادح ويصبح السارح) بمعنى أن راعي الماشية لا يذهب للمرعى مبكراً بسبب البرد الشديد.
وتابع الأستاذ جبلاوي حديثه عن السعودات (بلع, السعود, الخبايا) والأمثال الشعبية والروايات التي ضربت عنها وجميع الحضور من شباب ونساء ورجال منصتين بشغف وإعجاب لما يوصف ويقال وقد أكثر منها الباحث بشكل ممتع وجذاب وتجاوز سرده لها الساعة وعشرات الدقائق ليقولوا له: هل من مزيد.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار