الوحدة : 4-2-2022
هي الدكتورة ندوة الجندي عميد المعهد العالي للغات في طرطوس، متفردة ومميزة كتفرد وندرة اسمها، عن نشأتها تقول: فقدت والدي وأنا بعمر الثالثة وكنت أصغر إخوتي لتتولى أمي تربيتنا ورعايتنا بدعم من الأهل والأقارب جميعاً ومحبتهم، وربما طبيعة التنشئة والجو الإيجابي والداعم الذي حظيت به من الطفولة ساعداني لأكون أكثر قوة وأكثر اهتماماً بالدراسة وأكثر وضوحاً، أعبر تماماً وبكل هدوء عما أفكر به ولا أسمح لأحد بتجاوز حدوده معي.
وتبتسم د. ندوة حين تتذكر ابن عمها والذي كان يكبرها بسنوات كثيرة وكان يمازحها وهي طفلة ويقول لها معلمتي دون أن يعلم أنها ستصبح دكتورة ومعلمة بعد سنوات درست اللغة الإنكليزية بجامعة تشرين وكانت الأولى على جامعتها لتتخرج في عام 1991، وتنهي دبلوم الدراسات العليا في عام 1992، وتتعرف على زوجها طبيب المخبر وهي معيدة في جامعة تشرين بعام 1993، الطبيب الذي احترم رغبتها بمتابعة الدراسات العليا، فكيف لا وهو ابن السيدة آمنة السوريتي التي كانت من المؤسسات للاتحاد النسائي في طرطوس وكانت من النساء الرائدات اللواتي شجعن المرأة على الدراسة والعمل وخلق المستحيل من اللا شيء ، ولتتابع برفقته رحلة الدكتوراه بعد حصولها على منحة (فولبرايت) للماجستير والتي ترعاها وزارة الخارجية الأميركية في جامعة أتلانتا وهي أم لطفلين آنذاك أحدهما في عامه الثالث وطفلة في عمر التسعة أشهر فقط، لتكمل بعدها دراسة الدكتوراه على نفقة جامعة تشرين، وتتابع إيفادها الخارجي لتحصل على الدكتوراه.
تتذكر د. ندوة كل تلك المراحل وعيناها تتكلمان كأنها تعاود شريط ذكرياتها وكل ما مر معها في حياتها من أحداث، كنا نتعاون وزوجي بكل شيء في الغربة وحتى اليوم، كان داعماً وصديقاً ورفيق عمر، وعن صعوبات تلك المرحلة تقول د. ندوة: لم أكن أقود سيارة في أميركا وكنت أضطر لاستقلال باص أو اثنين وأحياناً مع طفلي حين لا يكون زوجها متفرغاً لرعايتهم للوصول للجامعة حيث كنت أضعهما في ركن خاص للأطفال لأنهي عملي وأجلب ما أحتاجه من كتب لإكمال دراستي وأطروحتي للدكتوراه، وكنت أبدأ بالدراسة غالباً في العاشرة والنصف حين ينام الجميع، وتتذكر د. ندوة أمها التي بقت معها عدة سنوات في أميركا حيث ساعدتها كثيراً واعتنت بأطفالها، كما لا تنسى أبداً دعم ومساعدة حماتها حيث علمت أطفالها الكتابة والقراءة باللغة العربية بعد دوامهما في المدرسة الأمريكية، لتعود وزوجها إلى سورية بعام 2005 ، وتنتقل لفرع جامعة طرطوس بعام 2008 وحينها كان لا يوجد على ملاك قسم اللغة الإنكليزية في الجامعة أي مدرس، وصولاً لمركزها الحالي كعميد للمعهد العالي للغات في الجامعة، اليوم الدكتورة ندوة لديها شابان وصبية يواصلان طريق والديهما في التفوق والنجاح، وهي تتابع بتميز شغفها وحبها للعمل واللغة، حيث تعطي حوالي 15 ساعة في قسم اللغة الانكليزية رغم أن نصابها 5 ساعات فقط ، وعن هذا تقول درست وسهرت وأحببت عملي وحصلت عليه خلال خبرتي ودراستي وأتمنى أن أنقل ما تعلمته لكل متعطش وساعٍ لزيادة خبرته ومعلوماته باللغة خصوصاً، وعن موضوع الإدارة وكونها أنثى تحديداً، ترفض د. ندوة التمييز بين الرجل والأنثى بهذه الطريقة الجندرية، وتقول هناك أيضاً مدير رجل ناجح وآخر فاشل ولا علاقة للموضوع بهوية الشخص وكونه ذكراً أم أنثى، شارحة أن الإدارة الناجحة تتطلب مهارات شخصية قيادية وتعليمية وثقافية ومهارات تواصل يستطيع أي شخص يتملكها من أداء هذه المهمة والنجاح فيها، والكفاءات هي من تحدد النجاحات، وعن خصوصية الأنثى تبتسم الدكتورة وتقول من المؤكد أن المهمة ليست سهلة وتحتاج لتنظيم وجهد وتفهم وتعاون حتى من المنزل لإبقاء الحياة ناجحة وسائرة بالتوازي بين محيط الحياة الشخصية والمهنية، ليكون الجو مستقراً في المنزل وفي العمل، وبالتوجه للمديرة الأنثى في العمل وتنمر البعض عليها أو وصفها بالمسترجلة أو القاسية تقول د. ندوة هذا الكلام غير صحيح وقد تكون المديرة الأنثى أكثر تعاطفاً وتفهماً لافتة أن محيط عملها الحالي معظمه سيدات وهناك جو من الراحة والاحترام والتفهم المميز في العمل بحيث لا يؤثر التعاطف الموجود على سير ونجاح العمل أو يتسبب بتعطيل مصالح الناس، أما نحن فأول ما لفتنا بلقاء د. ندوة كان ذكاؤها ودماثة روحها، لنخرج من لقائها سعيدين بمعرفتها وبنجاحها وبتميزها، لأنها شعلة نور وحب ونجاح لكل سيدة تحلم بالعائلة والعمل والدراسة والأولاد وتنجح بمنح عائلتها وطلابها وأحبابها كل ما يحتاجونه من علم وخبرة وتفهم ليكونوا مشرقين متنورين بانين للغد الأفضل.
رنا الحمدان