الوحدة: 31-1-2022
ثمة نظرية تقول إذا أردت أن تجمد اقتصاد بلد حوّل مدخراته إلى كتل إسمنية ، انطلاقاً من هذه النظرية الاقتصادية يتساءل عدد من أصحاب رؤوس الأموال ممن يملكون عقارات غير مبنية في مدينة اللاذقية بعد أن وصلتهم إنذارات بالجملة بضرورة تسديد مبالغ بعشرات الملايين لأنهم لم يقوموا ببناء عقاراتهم وإن لم يفعلوا خلال مدة أقصاها عامان فسيتم بيع هذه العقارات في المزاد العلني، وبناء عليه يتساءل هؤلاء: هل الظروف الاقتصادية والحرب الكونية وقلة القطع الأجنبي وجمود سوق العقارات بيعاً وشراء وقلة السيولة وقلة اليد العاملة الماهرة وهجرتها وغلاء أسعار مواد الإنشاء والإكساء وندرتها وتدني المردودية في مجال الزراعة والصناعة والسياحة وعدم التركيز عليها،هل هذه الظروف مجتمعة تشجّع على بناء مزيد من الشقق الشاغرة وتجميد تكلفة بنائها وإكسائها؟
هذا ويتم توجيه السؤال إلى وزارة الإدارة المحلية التي قامت بتوجيه انذارات لأصحاب العقارات غير المبنية بالمدن بدفع غرامات وقدرها ١٠% من قيمتها الرائجة حالياً وبالجمع تصل إلى عشرات الملايين سنوياً تمهيداً لعرضها بالمزاد العلني في حال عدم البناء خلال سنتين وإكسائها أيضاً وذلك تنفيذاً للمرسوم ٨٢ لعام ٢٠١٠ .
وفي السياق يضيف المهندس سامر حلبي: هل هذا الوقت مناسب لكل هذه الكتل البيتونية الفارغة في هذا التوقيت ؟ ولماذا السكوت عليها منذ عام ٢٠١٠ وإلى الآن ولماذا لم تلحظ بالقيد العقاري لإعلام المالكين منذ صدور المرسوم وهل الاعتراض عليها بعد الإنذار بدفع الغرامة والرسم بقيمة ١٠% من القيمة المقدرة بمئات الملايين منطقي؟ وهل أصحاب العقار غير المبني باستطاعتهم البناء في ظل الظروف الحالية مع فقدان مواد البناء وارتفاع الكلف وانخفاض الطلب وكثرة العرض وجمود سوق العقارات؟
المهندس وجد لافي يقول:عندما صدر هذا المرسوم عام ٢٠١٠ كانت الظروف ملائمة لزيادة الطلب على السكن والإسكان أما اليوم فلا يتلائم مع الظروف الحالية أم أن الهدف هو الحصول على عوائد للخزينة والاستيلاء على التأمين المفروض للاعتراض المبالغ فيه؟
متعهد البناء وليد أبو المجد يوضح أن المزاجية والانتقائية باختيار عقارات باهظة الثمن وترك عقارات غير مبنية في المناطق الشعبية الرخيصة يضعنا أمام أكثر من استفسار والتوجة إلى إساءة الظن بمجلس المدينة الذي يضع نفسه في خانة تهمة الابتزاز في ظل هذه الانتقائية و يفقد المرسوم معناه بحل أزمة السكن والإسكان للشعب فالعقارات الباهظة ليست هي المشكلة وبناؤها غير مطلوب للفقير أبداً والأغنياء ليس لديهم مشكلة سكن والفقير لايسكن بهكذا عقارات لعدم وجود أبنية رخيصة كونها فوق طاقته والحل ببناء الأراضي المناسبة للسكن الشعبي والجمعيات السكنية وسكن الشباب وغيرها من الأبنية الرخيصة نسبياً مقارنة بتلك الباهظة الثمن ولكن بلدية اللاذقية هدفها الاستيلاء على الرسم ورسم الاعتراض فقط للجباية لأنها تعلم أن المناطق الشعبية ليس لديهم قدرة على دفع الرسم أو البناء بالقيمة الرائجة.
ويختم حديثه قائلاً: إذا كان هدف الوحدات الإدارية فرض رسوم على شخص غني مليء يستطيع دفع الرسم والاعتراض فأين المقاربة لحل مشكلة السكن وبناء العقار.
توجهنا إلى بلدية اللاذقية لبيان الرأي حول هذه الشكوى وقد أوضح عضو المكتب التنفيذي المختص المحامي فادي شربك: أن لهذا الموضوع خصوصيته وهو تنفيذ لمرسوم متعلق بأصحاب العرصات المعدة للبناء وأصحابها متقاعسون عن بنائها، المرسوم لم يتم العمل به سابقاً بسبب الأحداث ويجري العمل به حالياً، وأضاف أيضاً:أن هدف التنفيذ الجباية بكل وضوح حيث بيّن أن إيرادات البلدية هي ما تحصله من جبايات كون البلدية لا دخل لها سوى جباياتها، واذا كان دخل البلدية جيد فسينعكس ذلك على المواطن من خلال أعمالها على أرض الواقع والعكس صحيح.
ولا شك أن ما ذكره المحامي شربك لا غبار عليه انطلاقاً من مضمون المرسوم وصولاً إلى إيرادات البلدية،ولكن
فكرة عدم ذكر التشميل بالقيد العقاري تقصير يخالف المرسوم عليه وذلك لضمان حق الشاري بعلمه بالرسم.
ويبقى السؤال هل الوقت مناسب الآن لتفعيل وتنفيذ هذا المرسوم؟ ثم كيف تم تحديد القيمة الرائجة؟ ولماذا لم يتم التعميم على كافة العقارات في المدينة ؟ وعليه هل إنذار المناطق مثل الكوريش الجنوبي والذي هو من أغلى العقارات وبنائها سيحل في اللاذقيه وسورية أزمة سكن الفقراء؟ ولماذا لم تنذر العقارات في المناطق الشعبية إذا كان الهدف تأمين سكن للطبقة الفقيرة والشبابية الموظفة؟ كما أن عملية البناء حالياً هي استنزاف للقطع الأجنبي والسيولة وصرفه بمشاريع ليس لها جدوى اقتصادية للخزينة أو للمالكين وحتى للذي سيشتري العقار بالمزاد، ويستشهد أصحاب الرأي بدعوات ترشيد ومنع استيراد بعض المواد كالجوز والهواتف والمكيفات وحتى ألبسة البالة، وذلك بهدف توفير القطع الأجنبي وينذرون ويحجزون ويستولون ويبيعون بالمزاد العلني إذا لم تبني بيوت وشقق ستبقى فارغة لكثرة العرض و مواد بنائها معظمها بالقطع الأجنبي.
هلال لالا