الوحدة 29-1-2022
في زحمة الأوجاع وتوتر الأعصاب التي بدأت بالاحتراق والتلف لأسباب مشتركة بين جميع المكونات، علينا أن نكتفي بما نعيشه الآن من شتى أنواع الضغوط التي اعتدنا على أذيتها سواء بإرادتنا أو بحكم الظروف القاسية الراهنة، إذ يكفينا تذمّر وتململ وتهكّم، فقد تكون الأمور أكبر ممّا نتصور نحن الجالسين على جنباتنا نتقلّب المواجع بالتنظير السياسي تارة والاقتصادي المعيشي تارة أخرى، وكل ذلك لا يخلو من الخروج عن آداب الكلام بالرشق والرجم على من تقع عليه المسؤولية والتقصير، كبيراً كان أم صغيراً متذمرين من هذه الحالة والوضع الراهن ولاسيّما في ظل عتمة سوداء تخيّم على عقولنا وأعيننا ليل نهار جراء الضعف الذي يصيب كافة أنواع الطاقة، إذ علينا أن نتخلّص من هذا الوضع ونتأقلم ولو جزئياً ونعود إلى الخلف قليلاً، متأملين خيراً علماً أن هذا لا ينجينا أو يغيّر بوضعنا شيئاً، لكن على أقل تقدير نعيد لأنفسنا بعض الذكريات، نحاول تعليمها لأبنائنا ومن حولنا عندما كانت قرانا مظلمة بدون كهرباء أو حتى مازوت تدفئة، أجل منذ عدة أيام خلت أصبحنا نجلس ونتسامر مع عوائلنا وأبنائنا وكبارنا، وربّ ضارة نافعة، هذه الساعات المظلمة قد تنير قليلاً من نفسيات حطّمتها الحضارة وتقنياتها عوضاً عن تصفّح فارغ على قارعة الفيسبوك والتويتر الذي لا يهمنا منه سوى سماع أخبار أحباء لنا بعيدون، أصبحنا نفصح عن ماضينا ونضعه أمام حاضر شوّهته أفكار مستوردة، نعطي أملاً جديداً لفروع حديثة غضّة، نعلّمهم كيف كنّا نتسامر ونسهر مع العقارب والأفاعي، ننام قرب الدواب نتنفّس الهواء ذاته، بعيدون جداً عن أمراض وفيروسات تتنقّل عبر الحدود، لم نعرف منها سوى جدّنا الطاعون اللعين في زمن حرٍ جميل.
لنترك الأمور والخلق للخالق، ولنحافظ على حيز الضوء والأمل الموجود في ذلك النفق، وكما مرّ علينا وعلى آبائنا وأجدادنا الكثير من الكبائر والضغائن التي قاومناها وخرجنا منها سالمين، سنسلم مرة أخرى فتباً للكهرباء والطاقة وألف تبّ لتلك القوى الرجعية من أقمار صناعية وشبكات إنترنت، تلك التي طوت من نظرنا ومن عمرنا الكثير وخرّبت مواعيدها دولاً ومجتمعات والكثير من الآداب وحطّمت فيديوهاتها الناقصة وبثوثها مشاعر الصغار والكبار معاً.
سليمان حسين