هل الزواج مقبرة الحب؟

الوحدة 22-1-2022

نسبة كبيرة من زيجات الحب والغرام انتهت بالطلاق، أو بالمشكلات التي تنغص حياة الزوجين وتذُهب ما كان بينهما من حب، وفي المقابل فإن الزيجات القائمة على العقل والاختيار التقليدي نجحت واستمرت وهنا نحاول الإجابة عن السؤل الآتي:  هل بالفعل الزواج مقبرة الحب؟

وإن لم يكن كذلك فما الذي يحدث لمشاعر الحب بعد الزواج ؟ هل تصاب بالفعل بالسكتة القلبية أم إن الإفراط في التوقع والمقارنة الظالمة بين مشاعر الخطوبة برومانسيتها وأحلامها وبين مشاعر ما بعد الزواج بواقعيتها وهدوئها وسكينتها هما السبب في هذا التغيير؟

أم يبقى الحق، كل الحق، على العشرة، كما يؤكد علماء النفس والإرشاد السلوكي؟

في النوع الأول من الزيجات تظهر العيوب بجلاء بعد الزواج بعد أن تكون اللحظات الجميلة قد ذابت والعواطف تبخرت والمشاعر الرقيقة ذهبت أدراج الرياح، وهو زواج يؤخر إلى الوراء لأن المتحابين يهملان عمليهما أو دراستيهما وعلاقاتهما الاجتماعية ويقضيان معظم الوقت في الغرام وتبادل عبارات الهيام فتكون النتيجة أن زيجات الحب تنتهي بالطلاق بينما لا تتجاوز تلك النسبة الزيجات التقليدية التي تعتمد على العقل والتريث، ولا تستند إلى الاندفاع العاطفي ، فتنهار عند أول منعطف

يعني عند رؤية العيوب ومواجهتها، ويوهم الشاب والفتاة بأن الحب يصنع المعجزات بينما يعمل الطرفان في الزواج التقليدي على إنجاح ارتباطهما، ويعرفان أن الزواج مسؤولية وأعباء وتسامح وتنازل، في الوقت الذي يعتقد العاشقان أن الزواج رحلة حب لا نهائية تخلو من المشكلات.

تقول سوسن:  استمرت خطبتنا سبعة أعوام واجهتنا فيها العديد من المشكلات والعقبات ولكن بالحب استطعنا التغلب عليها وتزوجنا أخيراً وعلى الرغم من أننا كنا أيام الخطبة لا نمل الكلام والأحلام المشتركة والتخطيط لمستقبلنا إلا أنه بعد الزواج أصبح يعاملني كقطعة أثاث مهملة بالبيت واختفى الحب والدلال، حتى ابتسامته التي لم تكن  تفارق وجهه اختفت وحل محلها العبوس، وكلما حاولت أن اذكره برومانسية الخطوبة أجابني: أفيقي من أحلامك الرومانسية نحن اليوم نعيش الواقع، وكأن الحب كان سراباً وخيالاً ولم يكن يوماً حقيقة.

أما سامي الذي يعترف بأن زوجته نغصت عليه حياته، فهو يقول أنا مدرس لغة عربية متواضع الحال وهي فتاة من أسرة ثرية جداً، حين تقدمت لخطبتها قوبلت بالرفض من جانب أهلها، وأمام عنادها وتمسكها بي قبل أهلها، بل وأنفقوا على الزواج من جيوبهم، لم أغشها ولم أخدعها منذ البداية بل حرصت بين الحين والآخر على أن أتأكد من تمسكها بي وإصرارها علي كنت دائماً أنبهها وأذكرها بأنني لن أستطع أن أوفر لها ما تعودت أن تحصل عليه في بيت أهلها ولكنها دائماً كانت تطمئنني وتقول لي إن  الحب هو كل ما تحتاج إليه بعد الشهور الأولى من الزواج أصبحت تتعالى عليً تنتقد تصرفاتي وتصرفات أسرتي لا تترك مناسبة إلا وتعبر فيها عن ضيقها بالحياة المملة التي تحياها معي، حتى كلمات الحب التي كانت تطربها لم تعد تطيقها.. حياتنا التي كانت كالصبية المرحة المحبة للحياة في أول أيامها وشهورها أصبحت كالسيدة العجوز، بل أراها يوماً بعد يوم تتحول إلى جثة هامدة… لقد اكتشفت أن معظم قصص الحب القوية قضت عليها عوامل كثيرة منها

البخل، والشك، والغيرة، والمعايرة وغيرها إلى ان انتهى ارتباطنا بالطلاق.

الوجه المشرق

حيث قصص الحب الوردية التي استمرت لسنوات بعد الزواج وفي محاولة لاكتشاف سر خلطة الغرام الأبدية التقينا الزوجين بسام وهيفاء وهما يقولان

إن الكثير من الناس يخلط ما بين الاعجاب والرغبة في التواصل، إنما نحن مقتنعان أن الحب هو في الأساس مجموعة من الأهداف المشتركة التي يجب أن يضعها الخطيبان في مرحلة ما قبل الزواج على أن يكون الزواج هو الخطوة الأولى لتحقيق هذه الأهداف، ومن هنا ينمو الحب ويزدهر كل يوم وبالطبع نحن لا ننكر أن المشاعر تتغير بعد الزواج ولكنها لا تموت وإنما تصبح أكثر استقراراً وعقلانية وتصل بعد فترة من الفترات إلى مرحلة النضج والهدوء التي يعدها بعض الأزواج مرحلة موت الحب وهذا غير طبيعي فمرحلة النضج تعني اكتمال الشيء لا نقصانه او اختفاءه

وهذه هي الحلقة المفقودة التي يحاول أطراف العلاقات الزوجية الفاشلة تسميتها موت الحب سواء عن عدم وعي أو عن وعي بحقيقة المشكلة ولكن في محاولة للهرب وإيجاد الحيل الدفاعية للتبرير.

فهناك علاقات ما بين الرجل والمرأة في الزواج تتوقف عند حد المتعة الحسية وحدها وهناك أنواع أرقى يرتبط فيها الجانب العاطفي والوجداني بالجانب الحسي أما أسمى العلاقات فهي التي يرتبط فيها ويمتزج الجسد والوجدان والعقل وهذا في تصوري هو شكل الحب الزوجي الذي لا يتعرض للتغيير، ولا يتسلل إليه الملل ولا يجعل أحداً من طرفي العلاقة يشكو أن الآخر أو أنه لم يعد يفهمه.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار