الوحدة: 30-12-2021
الجميع يتأهب ليوم الغد، فتراهم في عجلة من أمرهم في الأسواق وأزقتها, ليرمموا الحال ببعض التحضيرات, ومنهم من جلس واستكان في بيته بعد أن عقد أمره وتوكل على غيره لتطفو على وجه المجتمع فوراق وأشكال كالبثور.
أبو عدنان صاحب دكان قال: أودّ أن أحضر لصغيريّ كل ما يرغبان وكأنهما يمسكان بالفانوس السحري (شبيك لبيك), لقد حجزت لعائلتي في المطعم بما يقارب نصف مليون ليرة, حيث يوجد فيه بابا نويل بالإضافة للعشاء والسهرة ولا أجد ذلك بكثير نسبة إلى الغلاء في السوق كما أن من حق زوجتي العزيزة أن ترتاح وتفرح في هذا اليوم.
أم أمجد (دعجاء) موظفة: هل لها من اسمها دعاء؟
وقد لوحت وجهها الشمس كرغيف خبز في موقد نار متأججة, أرملة وتربي خمسة أولاد قالت: لم نقبض الراتب كما كل عام لكن سيكون لأولادي حفلة لرأس السنة في البيت كغيرهم من الناس ولن أحرمهم هذا اليوم ولو كلفني المزيد من العمل في الحقول وعصة قبر من الآلام وغصة في الحلق من الحرمان وقلة الحال (مستورة والحمد لله).
وسأستضيف جارتي المسكينة الوحيدة لتشاركنا فرح يومنا هذا. فهي مصابة بمرض القلب بعد شقاء سنين طوال في العمل المجهد, ليس من الضروري أن أحضر الموالح وغيرها من النخب الأول والثاني, يوجد في السوق أنواع وأشكال, وليس لنا أن نلبس الثياب الجديدة .فنحن سنقضيها في البيت وعلى راحتنا ويمكن أن نلبس البيجامات ونرقص ونلهو ونضحك ونأكل من الطيبات, تشرئب ابنتها من بين أخوتها لتقول: (أمي بعشرة رجال) تضحك (دعجاء) وترد بقولها: (بعد أن توفي زوجي لم أجد في طريقي غير أن أعمل في الحقول (أعمال شاقة وهي للعبيد)، بعد أن آتي من وظيفتي والراتب قليل, أعمل في جني المواسم أزرع المحاصيل والأراضي المجاورة أحرسها من السارقين عند موسم الزيتون وأقطفها ليعطيني صاحبها حصتي منها فتكون لي مونة الشتاء كما أزرع البطاطا الحلوة وأسقيها وأقلعها وكل يوم لي منه حساب, والحمد لله أعتاش منها أنا والأولاد (كافيها الله) وكل عام وأنتم بخير.
أبو يعقوب- صفيحة ولحمة أشار إلى أن اليوم هو بازار لبيع اللحوم, ويصل فيه البيع إلى أعلى درجاته, فالجميع سيشتري لحوم الشواء وقد أوصوه عليها منذ أكثر من يومين, وقد وصل سعر كيلو اللحمة إلى 24 ألف ليرة, في الأيام السابقة والعادية. البيع قليل ومنهم من يشتري بألفين فقط لطبخ طنجرة محشي وفكرت كثيراً أن أقلب الدكان لسمانة وسوبر ماركت.
هدى سلوم