الوحدة: 30-12-2021
علاه الشيب، ولكن لم يرتق ذاكرته، فهي أي ( الذاكرة) غصن يأبي الانكسار وينتظر الأوراق الجديدة الخضراء بمرونة الماء وانحناء الظل أمام وقع الخطوات الواثقة. لسنوات طويلة، أحب الحب نفسه، يتجهز كل يوم لألف مفاجأة، وأحياناً يتمرد بأحلامه على الأشياء، فالبحر مثلاً يتمناه بلون الزهر، والسماء يريدها بيضاء كالياسمين!! يعود بالذاكرة إلى مدرسته، فلا يلعب ولا يلهو في ساحاتها إلا قليلاً، والاصغاء إلى الدرس يقطعه الشرود، حتى صار يعرف بالحالم…. حالم عيناه نافذتان مكسورتان تدخلهما الريح من دون استئذان. كبرت أحلامه نحو فتاة تتحدى الجميلات بقبح ملفت، ولا يرى حاجة إلى عينين ربيعيتين، أو وجه كالمطر، أو رشاقة تتآلف وصوتها أمواجاً مرصّعة بالأصداف. كان يعتقد قبيحته نفقاً سيصل به إلى ضياءٍ يحرق جمال نصف العالم، والنصف الآخر يقفز تائهاً في الظلام! هو على يقين بلقاء الشيب يوماً مع الذاكرة، فيتيح له ذلك اللقاء تعديل المشاهد بأجمل اختصار، ثم يعتذر من عمره الذي لم يعد فيه إلا الاعتذار وبضع كلمات مقفلة داخل اللسان، فهي لأولئك الذين رحلوا.
سمير عوض