بلاغة الصّورة في شعر خليل مطران (قراءةٌ تحليلية نصيّة)

الوحدة: 26-12-2021

أكّدت الدّراسات البلاغية والنقدية لفنّ الشعر الأهمية المطلقة لعملية التصوير المُبدع في منح النّص سمة الشعرية وفي قدرتها على أن تكون بؤرةَ النص والقائد النصّي للمكونات البنائية الأخرى، فهي؛ أي عملية التصوير تتفاعل سياقياً مع المكونات الأخرى وتأخذ بيدها للانصهار في بوتقة الشعرية، هذا ما تصدّت له الباحثة رهف وسوف في رسالة أعدت لنيل درجة الماجستير في قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، بإشراف أ. د. تيسير جريكوس اختصاص (البلاغة العربية) وأمام لجنة حكم مؤلفة من:

د. بثينة سليمان اختصاص (البلاغة العربية)

د. سميرة موسى اختصاص (النحو)

جاء في البحث أنّ الصّورة الفنية التي كانت في كثيرٍ من الدراسات النقدية والبلاغية السابقة مجرّد مكمّل تزينيّ شكليّ غدت اليوم أداةً بلاغية ومدخلاً إجرائياً مهماً قادراً على تحسس جمالية أي إنتاجٍ شعريّ لما تكتنزه من غنًى ناتجٍ عن طبيعة تكوينها التي يمتزج فيها الخيال باللغة لإنتاج الدلالة في وجهها الإحيائي المؤثر . وتأسيساً على ما تقدم ، فقد أدرك الباحثون إمكانية اللّغة التصويرية في الحكم ليس على بلاغة التركيب اللغوي التخييلي فحسب، بل على النصّ بوصفه صورةً متكاملةً أيضاً و هذا ما يمنح البحث في الصورة التجديد الذي يتجاوز البحث في جزئياته التركيبية إلى البحث فيما يسمّى في البلاغة الحديثة ببلاغة النص، بوصفه كلاً واحداً متسقاً متكاملاً.

إنّ التحليل المنطلق من الرؤية الجمالية الكلية للنظرة البلاغية الحداثية هو الذي أهّلها لتحتلَ المكانةَ القياديةَ والبؤرة التي تجتمع عندها خيوط النص في أية تجربةٍ شعريةٍ.

تنبعُ أهميّة البحث من جانبين رئيسين هما:

أولاً: الانتقال بالبحث البلاغي تطبيقياً من النظرة الجزئية التي تعتمد البحث عن جمالية الجملة أو التركيب إلى البحث عن جمالية النص بوصفه صورةً كليةً قوامها الصور الجزئية المتعالقة مع بعضها وهذه الدراسة التطبيقية تنشد تطبيق المقولات النظرية التي تعدّ البلاغة وفاقاً لمعطياتها الحداثية مختبراً للكشف عن درجة الجمالية و الشعرية على نصوص خليل مطران وهي نصوص مأخوذةٌ من تجربةٍ شعريةٍ ثرّةٍ في مرحلةٍ حسّاسة ٍمن تاريخ الشعر العربي وهي المرحلة الإحيائية.

اعتمد البحث منهجاً قائماً على مجموعة من الأدوات الإجرائية أولها: التحليل واستخلاص  قيم النص من خلال المعايرة الطويلة المصحوبة لعملية الرصد الإحصائي الذي يتجاوز عملية الرصد الكمّي إلى الرصد النّوعي في الصور القائمة على مبدأَي المشابهة والمجاورة ، أما المدخل الإجرائي الآخر فهو الدخول إلى البنية النصية في أفاقها المتولدة عن تقاطعات إحياءات الداخل والخارج في هدف واحد أردنا من خلاله ألّا نعزلَ التجربة الشعرية في أطرها البلاغية النحوية عن معطيات إنتاجها المتنوعة ، كما أدخل البحث في منهجية الدراسة التحليلية قواعد اعتمدها في عملية التحليل إذ حاول التحليل الدخول إلى فضاءات النص الدلالية من خلال الولوج إلى الظواهر الجزئية في اللغة التصويرية بالاعتماد على الموضوعات المكررة.

ثمّة كثيرٌ من الدراسات السابقة التي عالجت قضية الصورة ودورها البلاغي و الشعري على مستوى النص منها: الصورة الفنية في التراث النقدي و البلاغي عند العرب للدكتور جابر عصفور، المدخل لدراسة الصورة البيانية (فرانسوا مورو) ترجمة محمد الولي وعائشة جرير، وغيرها من الكتب القيّمة.

وعليه تم تقسيم البحث إلى أربعة فصول وخاتمة، كان الفصل الأول مخصصاً لدراسة الصورة على مستوى المفرد التصويري فوقفنا على دور الاختيار المعجمي في تكوين الصورة.

وفي الفصل الثاني: الصورة وحركية المركب النحوي

انتقلت الدراسة إلى دائرة التركيب بغية القبض على جمالية الصور الشعرية في خضم حركية النحو وتجاوز المعاني النحوية في هذا السياق علاقاتها المألوفة.

أما الفصل الثالث : الصورة والتركيب البلاغي فقد رصدنا فيه التمظهرات البلاغية للصورة ضمن دائرتَي المشابهة والمجاورة في سياق تحليل حاول تحسس الخيط الجمالي الخفي الذي يربط هذه الصور على مستوى النص كلياً .

أما الفصل الرابع : فقد كان فصلاً تطبيقياً تحليلياً صرفاً حاولنا في أثنائه تقديم تحليل متكامل المستويات لنماذج شعرية مؤمثلة من ديوان الشاعر والبحث عن بلاغة الصورة في تشكلاتها ومستوياتها المتنوعة انطلاقاً من المفرد إلى التركيب مروراً بالتخييل على مستوى النص الشعري كلّه.

ويختتم البحث بخاتمة توجز نتائج البحث على نحوٍ  مكثّف ثم يجيء فهرس المصادر والمراجع.

نالت الباحثة درجة ٨٧%.

نور محمد حاتم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار