مرحلة ما قبل مرض السكري … المرض الصامت

الوحدة: 23-12-2021

 

 

 يسبق حدوث معظم الأمراض المعروفة فترة غير محددة الزمن قبل ظهور الأعراض، تسمى المرحلة (تحت) أو ما قبل السريرية. يتم كشف هذه الطور من المرض عند إجراء الفحوصات الشاملة بهدف الاستقصاء المبكر. تشمل هذه الأمراض مرض السكري واضطرابات الغدد الصم والمفاصل والسرطانات والالتهابات والقلب والعظام وغيرها. رغم أن الأعراض قد تكون غائبة كلياً في هذه المرحلة، إلا أن الجسم يحاول التعويض وتعديل الوضع، وقد ينجح في ذلك في أحيانٍ كثيرة. في الجهة المقابلة، قد تستفحل الأوضاع الصحية كثيراً خلال هذه المرحلة، وقد تنتهي الأمور بحدوث كوارث صحية قد تشمل الموت، إن لم يتم التعامل السريع مع الكثير من الأمراض غير العرضية.

التقينا د. هشام علي ليحدثنا عن مرحلة ما قبل مرض السكري وعن المرض ذاته ولماذا يسمى صامتاً؟

  • ما قبل مرض السكريالتعريف؟

  يجمع المتخصصون أن مستوى السكر الصباحي الطبيعي هو أقل من ١٠٠ ملغ/دل، وأن السكر الطبيعي بعد ساعتين من تناول الطعام هو أقل من ١٤٠ ملغ/دل، وأن مخزون السكر الطبيعي في الجسم يجب أن يكون أقل من ٥.٧٪. * ويتفق كل الإخصائيين :إن تشخيص مرض السكري يتطلب واحداً مما يلي: كون السكر الصباحي ١٢٦ ملغ/دل أو أكثر، أو السكر بعد ساعتين من تناول الطعام ٢٠٠ ملغ/دل أو أكثر، أو الخضاب السكري مساوياً أو أكثر من ٦.٥٪

 حسب الخبراء في الموضوع، تطلق تسمية “ما قبل مرض السكري” أو مصطلح “عدم تحمل السكر” عندما يكون السكر الصباحي أو بعد الطعام أو مخزون الخضاب السكري أكثر من الطبيعي، ولكن أقل من مستوياته في مرض السكري.

أما عن الظاهرة بالأرقام :فقال د. هشام:

عالمياً، يوجد حالياً حوالي ٤٧٠ مليون مصاب بهذه الحالة، ويختلف معدل الإصابة من بلد إلى آخر، وحسب المجموعات العرقية أيضاً. يصيب هذا المرض حوالي ثلث كبار السن في الكثير من المجتمعات، ولا يعرف حوالي ٨٤٪ منهم بوجود المرض عندهم. تتراوح نسبة الإصابة في المجتمعات العربية بين ٢٠-٣٥٪ من عدد السكان الكلي.

  • كيف يتطور المرض ؟

 في حال عدم إعطاء التعليمات والعلاجات المناسبة لهؤلاء المرضى يتطور الوضع سنوياً عند حوالي ٥-١٥٪ منهم إلى مرض السكري المعروف. تزيد نسبة التحول إلى مرض السكري لأسباب كثيرة كزيادة الوزن والاستعداد الوراثي وعند بعض المجموعات العرقية، ومنهم العرب، ويحصل ذلك في أعمار مبكرة عند هؤلاء المستعدين. بشكل عام أكثر من ٧٠-٩٠ ٪ من المصابين يتحولون ليصابوا بمرض السكري خلال ١٠ سنوات. تعود مستويات السكر في الدم إلى الطبيعي عند فئة قليلة لا تزيد عن ١٠٪ من الأشخاص المصابين بما قبل مرض السكري.

ما هي الحقائق المخيفة عنه ؟

يتم في العديد من الحالات اكتشاف وجود هذا المرض بواسطة أطباء القلب والأعصاب والعيون، وكذلك عند دخول المشافي لأسباب صحية. يتسبب هذا المرض بحدوث نفس مضاعفات مرض السكري الوعائية وبنسب مختلفة، ويشمل ذلك إصابة الشبكية في حوالي ٨٪ من المصابين مقارنة ب ١٢ ٪ من مرضى السكري، التهاب الأعصاب السكري عند ١٢٪ من المصابين، وتأثر الكلية عند ١٨٪      

ما هي طرق الوقاية والعلاج؟  

تجمع المؤسسات العالمية بأن الوقاية من مرض السكري وما قبله ممكنة بإجراءات بسيطة تشمل ضرورة الالتزام بالحمية الصحية، واللياقة البدنية التي تعتمد على المشي يومياً لمدة ٣٠ دقيقة.

 وتثبت الدراسات بأن هذه الإجراءات تمنع حدوث المرض، أو تعكسه إلى الطبيعي، عند أكثر من ٥٠٪ من الأشخاص. كذلك تؤكد الدراسات أن خسارة ٥-٧٪ من الوزن، أو ١٠ كغ من الوزن الكلي، تأتي بنتائج مذهلة في الوقاية، وفي العلاج أيضاً. للأسف، لا تتفق المؤسسات العلمية العالمية في الوقت الحالي على نوعية العلاجات الدوائية الممكنة في مرحلة ما قبل مرض السكري، وتقتصر النصائح على استعمال المتفورمين عند بعض المرضى، وعلى علاج السمنة بالأدوية المتوفرة.

ماهي فوائد العلاج؟

 يبدو حسب الكثير من الأبحاث بأن عكس مرحلة ما قبل السكري إلى الطبيعي يؤدي إلى تقليل الإصابات الوعائية بشكل كبير ومهم، حيث تتناقص أمراض القلب بنسبة ٢٢٪، واحتشاء عضلة القلب بنسبة ٣٨٪، والجلطات الدماغية بنسبة ٢١٪ والموت بنسبة ١٨٪ عند الأشخاص الذين يحققون مستويات طبيعية من السكر في الدم مقارنة بمن يبقى مصاباً بالمرض.

*أخيراً:

 لا شك أن أسباب مرحلة ما قبل السكري هي نفس أسباب مرض السكري حيث يقل مفعول هرمون الأنسولين في الجسم، وتعجز الخلايا عن الاستفادة من السكر كمصدر الطاقة، ويرتفع السكر نسبياً في الدم دون الوصول إلى المستويات التي ترافق مرض السكري. يعتقد البعض، وأنا منهم، أن تسمية (ما قبل مرض السكري) خاطئة ومضللة للمرضى وللأطباء، وبأن ذلك يستوجب إعادة النظر من حيث اعتماد التسمية المناسبة، وكذلك وضع معايير علاجية مناسبة تمنع تطور المرض وحدوث مضاعفاته غير القابلة للعودة إلى الوراء.

نور محمد حاتم

 

 

 

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار