راتب حسن” مؤذن جذب السامعين ودخل القلوب على امتداد مدينة طرطوس ..فيديو

http://youtu.be/D9x1E7Ks1xg الوحدة21-12-2021

تعتمد دور عبادة معظم الديانات بأصقاع الأرض على الأصوات الشجية العذبة ، للتقرب من الله ومن الناس ، ولإيصال المريدين للحالة الروحية المطلوبة ، فيما يذخر التاريخ الإسلامي بالعديد من الشخصيات المؤثرة التي كان لها الفضل بإدخال كلام الله ببساطة لأسماع وقلوب الناس بدءاً من المؤذن بلال الحبشي رضوان الله عليه ، إلى الشيخ المصري “عبد الباسط عبد الصمد” من أهم المجوّدين للقرآن الكريم في العالم الإسلاميّ بشكل عام، ولقّب بالحنجرة الذهبيّة وصوت مكة، لما تميز به من أسلوب فريد وصوت خلاب في القراءة ، ننتقل لمدينة طرطوس السورية الوادعة لنتحدث عن صوت المؤذن راتب سمير حسن الذي دخل دونما استئذان إلى القلوب ، جاعلاً الكثيرين من أهالي المحافظة وبمختلف انتماءاتهم بانتظار صوته المريح الذي يبث كل موعد صلاة في أرجاء المدينة ، في حين لا يمكن أن ينسى أهل طرطوس أيام حجر الكورونا والصوت المؤثر الذي كان يدعوهم عبر المكبرات وبالأخص فجراً للالتزام بمنازلهم والصلاة فيها .. واختيار الأصوات الجذابة طبعاً لفتة تسجل لوزارة الأوقاف السورية لناحية وضع ضوابط وأصول لاختيار المؤذنين لجذب السامعين وبث الراحة في النفوس ، أما راتب حسن المؤذن الشاب جميل الصوت فهو ابن “عشائر النور” ولد وعاش مكتوم القيد في طرطوس ، ولم يمنعه هذا الأمر من تحقيق رغبته في أن يكون مؤذناً حينما جاءت الفرصة ، وكان أحد جوامع طرطوس يبحث عن مؤذن ، ليصبح شخصاً محبوباً ومحترماً ومعروفاً للكثيرين من أبناء هذه المحافظة . بداية الحكاية : بدأ راتب بالذهاب للجامع مذ كان طفلاً صغيراً ، وفي سن الثانية عشرة أذن أول مرة حين سمح له الشيخ عثمان ملحم بذلك ، وكان إمام جامع السلام وضابط أحكام الأداء السماعي المعروف ليثني عليه ، ولتبفى الفكرة بذهن راتب الصغير، و ليصبح مؤذن في جامع المنيرة منذ حوالي 10 سنوات ، عندما تم الإعلان عن الحاجة لمؤذن لهذا الجامع ، حيث تم السؤال عنه والتعرف إليه وامتحان معلوماته وأدائه لتأتي الموافقة على تعيينه مؤذناً معتمداً في مديرية أوقاف طرطوس ، واليوم وبعد سنوات من أداء هذه المهمة يخبرنا راتب أنه سعيد بما يقوم به ويعتبره هداية وتوفيق من رب العالمين، وخاصة أن هذا العمل محتسب لوجه الله تعالى ، ويشعر بالسرور حين يشكره الكثير من رواد الجامع على أدائه ، وعن جمال صوته يقول ابن الواحد والثلاثين عاماً جمال الصوت متوارث ضمن العائلة ، فجدي أحمد حسن رحمه الله كان صاحب صوت جميل ، والعديد من أبناء العائلة لديهم هذه الميزة ، وحالياً ابن أخي سمير خالد حسن وعمره 19 سنة مؤذن جامع التقوى بطرطوس ، وابن أخي حيدر ابن الرابعة عشر يمتاز بأدائه الجميل ، وابن عمتي مؤذن أيضاً في أحد جوامع طرطوس ، وعودة للسيد راتب فهو من مواليد 1990لديه 4إخوة و5 شقيقات والكل متزوج ، حيث تزوجن جميعاً في سن مبكرة ، والده كان يعمل على سيارة سوزوكي ، أما راتب فلديه 8 بنات أكبرهم في الرابعة عشرة من عمرها لم يستطع إدخال أي واحدة منهن إلى المدرسة لأنهن مكتومات القيد ، ويعمل بعض الأعمال الحرة البسيطة التي تتيسر له كالبيع والشراء لتأمين معيشة عائلته حيث تعد مهمة المؤذن عملاً رمزياً لا مردود مالي كافي منه للمعيشة ، وبحكم وضع راتب مكتوم القيد فالخيارات ليست كبيرة أمامه ويقيم مع عائلته في بناء مكون من 3 طوابق في حي الرابية بطرطوس ، أما عائلته الكبيرة فلا تتجاوز ال150 فرداً منهم من لديه هوية ومنهم من هو مكتوم القيد مثله ، وراتب حالياً عضو بفرقة عبد الرحمن حموي “المصطفى” للإنشاد الديني ، وكغيره من الشبان يتدرب في أحد أندية طرطوس الرياضية حين يسمح وقته بذلك ، وعودة لجذوره لا يعرف راتب إلا طرطوس التي ولد وعاش فيها ، ولا معلومات وافيه لديه عن أصول النور ، فيما يخبرنا أن لديهم لغة خاصة ، ويعملون ما يتيسر لهم من أعمال كالصيد والعمل في البيوت البلاستيكية والعزف والغناء في الأعراس ومنهم من يسافر إلى حيث تأخذه الأقدار .. ويفرق حسن بين النور والقرباط الذين يتميزون بتركيب وإصلاح الأسنان ، والغجر أيضاً الذين يعملون ايضاً بالطرب والتسول والتبصير ..ولدى سؤاله عن تعليم بناته يقول بالطبع كنت أرغب بإدخالهم المدارس لكن وضعنا كمكتومي قيد لم يساعد حيث يستلزم الأمر عدة جولات للقبول بنا ، وهكذا كنا نتراجع دوماً ، وعن الهوية السورية يبتسم ويقول بالتأكيد أتمنى أن أحظى بها .. وعن الزواج وتسجيل الأولاد يقول نسجل كمتومي قيد ، كما حدثت واقعات زواج بين مكتومي قيد منا سوريين وسوريات الهوية ، أما عن الوضع المادي فيشير أنه لا ثراء لدى معظم عائلات النور والغالبية تعمل لتعيش كل يوم بيومه على أبعد تقدير .. أسس اختيار المؤذنين : يشرح الشيخ محمد خويذكية رئيس شعبة شؤون المساجد في المديرية أنه عند اختيار المؤذنين يتم فحص الصوت والسمت العام والثقافة العامة ومعلوماته الدينية وسلوكه وأخلاقه بالمجتمع ، ويخضع المؤذنون لدورات لتعريفهم بالمعلومات الشرعية وأحكام الأذان والمهام الإدارية المتوجبة عليهم ، مع رفع سويتهم بالأداء مع تدريسهم لمقامات الصوت لضبط الصوت والنغمة والأداء ، وزيادة معلوماتهم بالدين والقرآن الكريم ،وفرق الشيخ خويذكية بين الإمام الذي يعتبر ضامناً ويكون حائزاَ على شهادات شرعية متخصصة ، والمؤذن الذي يعتبر مؤتمناً وعمله يكون تكليفاً وحسبة لوجه الله تعالى ، ويتذكر خويذكية كلاً من مؤذن الجامع الأموي توفيق المنجد والشيخ حسن الحفار من حلب رحمهما الله ، والذين كانا من أجمل الأصوات التي عرفت دينياً في سورية ،و عن أصل المؤذن راتب وعدم عرقلته في العمل كمؤذن يبتسم خويذكي ويقول لم يفرق الدين الإسلامي بين إنسان وآخر إلا بالتقوى وراتب يمثل نفسه بأخلاقه وسلوكه قبل أي انتماء أو تصنيف . أخيراً : في ختام مادتنا لابد أن نشكر الشيخ عبدالله السيد مدير أوقاف طرطوس وجميع من التقيناهم بأوقاف طرطوس لتسهيل عملنا وجمعنا بالمؤذن جميل الصوت والخلق ، وإذ سمحت لنا المادة بالمرور السريع على حياة النور وبعض نماذجهم في المحافظة ، فإننا نأمل أن يتم تحسين ظروفهم إن أمكن ، ورغم أننا لم نوفق بالحصول على إحصاء عددي لهم من نفوس طرطوس ، في حين تقل المراجع التي تتحدث عنهم باستثناء كتاب عشائر النور للدكتور علي الجباوي الذي يتحدث عنهم وبعض اللقاءات المسجلة مع عشائر النور في الأردن شيوخ قبائل بني مرة البكريين “قوم جساس”، الذين يؤكدون على أصلهم العربي ، ولكنهم تشتتوا بعد حرب البسوس مع قوم بني تغلب “قوم الزير سالم”، بعد أن “حلت عليهم لعنة جساس على قومه، ليصبحوا مشتتين في بادية الشام لا يستقرون في مكان حتى آخر العمر .

رنا الحمدان

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار