عيد وزينة للطلاب المتسربين

الوحدة 18-12-2021

جميعهم يجلسون على مقاعد الانتظار في بهو مديرية الثقافة ومحمد لا يهدأ, يقوم بحركات بهلوانية ويرقص على مساحة الفراغ  الكبير بإيقاع جميل وكأنه وحيد في المكان لا يرى أحداً والابتسامة تجلجل على وجهه .

أراقبه باستمتاع ووالدته تلحظ انتباهي له واندهاشي وهي تجلس جانبي فتقول لي: أعجبك .. إنه ولدي يعاني من فرط نشاط ونقص انتباه, ولا أريد أن تذكري أسماء فلا تزيدي عليه من أوجاع ومأساة, فهو يتعرض من الجميع في مدرسته من رفاق ومدرسين للتنمر إذ ينزعجون من فرط حركته مع أنه يحبهم جميعاً, كما أن لا أصدقاء له في الحي لما يعانيه, ويحتاج للمساعدة والدمج في المدرسة والمجتمع, لهذا أحاول مساعدته وأبحث له عن كل مكان فيه نشاط وتعليم وقد وجدت فريق بناء مهارات الحياة خير صديق له, فهم يعاملونه كغيره من الأولاد ويحاولون تعليمه بعض المهارات بالإضافة للدروس وهو مجتمع مع رفاق بمثل سنه, يحب التمثيل ولديه الموهبة والفكاهة, كما ترين لكن لا قدرة لي على الدروس الخصوصية, وعندي غيره شابين بالجامعة ( هندسة عمارة, طب أسنان) 

إن محمد يخاف من الأصوات العالية, ويصيبه الهلع إذا ما ارتفعت الضجة حوله بسبب ما تعرضنا له خلال السنوات الماضية من أحداث وانفجار أثرت في نفسه, فنحن مهجرين من حلب, أتينا منذ بضع سنين بدون حقائب أو مستندات, لهذا الوضع (على قد الحال) بآجار, وكله مقدور عليه فقط ما يشغلني صغيري محمد, أريده أن يكون كغيره من الأولاد مدرسة ورفاق وتعليم لأطمئن على مستقبله .

محمد لما جلس جانبنا أشار لنا بأنه بالصف السادس ويحب النشاط ومشاركة الأولاد, مع أن بعضهم يردونه عنهم, يحب صنع شجرة ميلاد ويود المشاركة بالتشجير في الأيام القادمة .

كما كل الناس يستعدون لاستقبال عام جديد, ويستحضرون زينته بأكفهم الصغيرة, مجموعة من الطلاب المتسربين يتابعون تعليمهم  في مشروع لundp  بالتعاون مع فريق بناء مهارات الحياة، مديرية الثقافة باللاذقية, يتوزعون على المقاعد خلف طاولات وزعت بينهم لتعلو أصواتهم عما يريدونه من الأوان الورق لصنع شجرة الميلاد ونجومها( أخضر, أزرق, أصفر, أحمر, زهري..)

آلاء اختارت اللون الأحمر فهي بالصف التاسع, وأتت لهذه المدرسة الصغيرة حيث وجدت رفيقات مثلها ومعلمات جيدات يعتنين بها ولا تحتاج لدروس خصوصية وقد أحبتهم كثيراً, حتى أن رفيقاتها يحسدنها على مدرستها الجديدة, وليس لديها أي انزعاج من القيام بأعمال المنزل والطبخ بعد عودتها للبيت فوالداها منفصلان وأخواها عسكريان وتسكن مع والدها الذي يعمل على السرفيس, وهي تحب النشاطات والأعياد وصنع الأزهار والشجرات, وقد شاركت العام الماضي بحملات التشجير لتبدو بلدها بأحلى زينة.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار