الوحدة: 25-10-2021
خريف هذا العام مختلف تماماً..
تساقطت فيه وجوه الأحبة قبل أوراق الشجر..
لم تعد غيمتنا شقراء الهدب كما كنا ننشد لها..
حتى كراسات الدرس تأخرت في الوصول.. وكذلك المطر.. وأشياء كثيرة..
خريف هذا العالم ملبد بغيوم الهموم.. مثقل بالشكوى والرغبة العارمة في بكاء طويل على قارعة القلب..
أصبحنا غرباء حتى عن حضن أمهاتنا..
غرباء عن مصافحة ومعانقة أحبتنا وكأن شبح الوباء والموت يتربص بنا في نهاية كل زقاق…
غرباء عن أيام الأسبوع والراتب الشهري والجيوب التي كنا نعتقد أنها تحمل الدفء لأصابعنا المسكينة..
غرباء عن مدينتنا.. وبحرها الغارق في صمته.. ومطاعمها الحزينة.. وحدائقها الملغومة بالنفايات ووجوه العشاق الحزينة غرباء عن صديق حقيقي نقطع له أوتار القيثارة حين يغيب.. وربما كنا نود أن نخبره أننا لازلنا نتشوق لسماع أغنية قديمة.. وأن في داخلنا فيض من الحب وشعاع شمس خجول يرفض أن ينكسر!
غرباء عن قصيدة عذراء تغنت بزهرة الكرز ورقصت في نهاية المساء مع زوربا وطرزت اسم لوركا فوق وسادتها كفتاة اسبانية عاشقة!
غرباء عن ملامح وجوهنا المتعبة، ونبرات صوتنا، وضحكاتنا التي غابت في زحام الوقت..
هذا الخريف حمل الكثير من الوجع في جعبته.. لم يأت زائراً لطيفاً كما كان يفعل..
لم يحمل ذكرياتنا في معطفه الدافئ.. ولم يترك لنا فرصة للكتابة عن حضوره البهي.. أو مناجاة أحلامنا في سمائه الساحرة، بل جعلنا نتذكر قولاً حفظناه منذ طفولتنا (صداقتنا للنرجس ..لكن حبنا لزهر آخر لا نسميه).
منى كامل الأطرش