الوحدة : 13-10-2021
كثيراً ما يضع الأهل نصب أعينهم تربية أطفالهم بطريقة نموذجية ليحققوا، حسب نظرة الوالدين ورأيهما الخاص، الشخصية المثالية أو الطالب المتفوق بزمن قياسي وباختصار للمراحل التي يجب المرور بها لتكتمل شخصيتهم ونموهم العقلي والجسدي وحتى لو كان ذلك على حساب ميول أطفالهم وقدراتهم ومهاراتهم، وهذا ما حذرت منه دراسة تربوية حديثة حيث أكد أخصائيو علم النفس في سياق محتواها أهمية تجنب الوقوع في بعض الأخطاء التربوية الكبرى والتي كثيراً ما نقع فيها, وهي أننا نريد أن ندخل حكمتنا وتجربتنا إلى رؤوس أطفالنا سريعاً، وعلى الرغم من أن هذه الأمنية جميلة, إلا أننا يجب أن ندرك أن أطفالنا لا يمكن أن يكتسبوا الحكمة بهذه الطريقة، ذلك أن هناك طريقة واحدة ناجحة ألا وهي المرور بالتجربة والخطأ على مدى فترة طويلة من الوقت.
وتوضح هذه الدراسة بأنه قد تؤلمنا تجاربهم أكثر مما تؤلمهم، ولكننا لا بد أن نؤمن أن هناك طريقة وحيدة ليصبحوا راشدين، وهي أن يكتشفوا بأنفسهم حقيقة الحياة بالجهد والمحاولة، ودون وصاية من أحد.
وتستعرض الدراسة الواقع الذي تعيشه معظم الأسر والظروف الراهنة التي تحكم هذا الواقع وتوجهه نحو طرق ليست معبدة أمام أطفالنا.
وتؤكد الدراسة أنه في العالم الذي نعيش فيه لابد من أن نتعلم كيفية التعامل مع الإحباط والقسوة والعمل الشاق من أجل حياة أفضل, ونحن كآباء لا بد أن نساعد أطفالنا على تطوير مهاراتهم للقيام بهذه الأمور ومقاومة تلك المعوقات، فكثير من الأسر يدفعها حب أطفالها إلى الإفراط في العناية بهم, وإسعادهم حتى لو أصبحوا من فرط عنايتهم عديمي الجدوى، ولا يعلم هؤلاء الآباء أن السعادة التي يريدونها لأطفالهم إنما هي حصيلة الجد والاجتهاد في الحياة, وأنها تقتضي أحياناً أن يتذوقوا طعم الفشل، وتنصح الدراسة الأهل بكيفية التعامل الصحيح مع مواقف الحياة التي يتعرض لها أطفالهم في أفعالهم وردود أفعالهم وتشير إلى أنه : من الحكمة التربوية أن نؤكد أنه كلما أظهر الأبناء نضجاً، يجب منحهم المزيد من الحرية في اختيار أفعالهم ونشاطاتهم، بل وتحفيزهم على القيام بما يخصهم من أمور, وهذا يشعرهم بقدرتهم على تحمل المسؤولية, ويعطيهم ثقة في أنفسهم, ولا يجب أبداً حرمانهم من الشعور بعواقب أفعالهم، والاستفادة من الخبرات, ولو سببت لهم بعض الألم, فهم بحاجة للشعور بالحياة لكي يتعلموا منها, وليس من الحرص على الأبناء أن نحجر عليهم التحاور مع الآخرين أو البقاء بلا أصدقاء، فإن ذلك لا يحميهم من الضياع, بل لا نبالغ إن قلنا أن هذا قد يكون من أكبر عوامل التمرد على سلطة الآباء , ومن ثم مصادقة أي كان دون ضوابط أو قيود، ومن هنا وجب تدريب الأبناء على اختيار أفضل الأصدقاء، وكذلك لابد من التأكيد على أنه يجب أن نتجنب إبداء النصائح المباشرة بهذا الخصوص, وإذا أراد الابن قطع علاقته بصديقه؛ فيجب أن يكون هذا قراراً خاصاً به وحده, ذلك لأن أي اختيار خاطئ من غيره قد يدفعه إلى تجنب الأصدقاء جميعاً, والميل إلى العزلة عن المجتمع. وفي نتائجها ، نصحت الدراسة بأن نجعل شعارنا جميعاً: دعهم يكتشفوا الحياة- فالطفل لكي ينمو نمواً نفسياً طبيعياً لا بد له من الشعور بالاستقلال, والإحساس بأنه قادر على تسيير أموره بنفسه دون معاونة الآخرين، وهذه الأمور هي المقدمة الصحيحة لثقته بنفسه, ومن ثم قدرته على تحمل المسؤوليات في مستقبل حياته.
فدوى مقوص