حضور القيم في قصص الأطفال…

الوحدة : 13-10-2021

انطلاقاً من أهمية هذا الموضوع في تنشئة الطفل وتكوين السلوك الصحيح لديه، فقد حرصت الناقدة الدكتورة عقيلة مراجي في مقدمة كتابها، حضور القيم في قصص الأطفال، التأكيد على ضرورة تضمين أدب الطفل مختلف القيم الإنسانية.. ومن هذا المنطلق تأتي أهمية هذا الكتاب التي تقوم على البحث في وظيفة القيم وجمالية حضورها في القصة.
بداية أوردت الناقدة تحليلاً مفصلاً لأهمية الزمان وتسلسل الأحداث المنطقي في الأدب الموجه للطفل لكي يستوعب القصة ويربط أحداثها بواقعه ويستخلص منها القيم والدروس المستفادة ليطوعها بما تخدم المواقف التي يعايشها ويكون مطلوباً منه التصرف السليم إزاء ما يمر به من ظروف وأحداث.
تقول الناقدة: الزمان هو الفضاء الرحب الذي تتحرك فيه حكاية الأطفال وهو الذي يعطي للحكاية عمقها ومقبوليتها لدى الطفل حتى تكون مقبولة لديه وقابلاً على التفاعل معها ومع مضمونها من باب القناعة والمعرفة والإدراك, فالطفل يحب أن يتعامل مع زمن الحكاية بشكل تسلسلي وفق أحداث متتابعة ومقبولة… وأديب الأطفال مهنته مدّ جسور التواصل مع الطفل حتى يوصل إليه ما يريد من أفكار وقيم ومفاهيم ومبادئ في مظلة الجمال والخيال والبهرجة اللغوية, عندها سيتقبل الطفل الموضوع ويتفاعل معه, وأروع أنواع القصص التي يحبها الأطفال هي تلك القصص التي تحدث في زمن واحد، فحتى الحكاية التي تنتهي أحداثها في الماضي دون أن يكون لها وجود في الحاضر هي حكاية مقبولة لديه ومحببة, فهو بعد أن يقرأها أو يسمعها على لسان الراوي يعيد معالجتها في ذهنه محللاً أحداثها ووقائعها ومدلولاتها فيستقي منها العبر والفائدة مستلهماً الشخصية وكيف تصرفت مع الأحداث وعليه أن يهيئ نفسه لأي حدث مشابه, وهنا تكمن الفائدة المرجوة في القصة.
وانتقلت الناقدة إلى تحليل نوع آخر من أنواع الأدب الموجه للطفل وهو أدب الخيال العلمي والذي يشكل، حسب رؤيتها، حالة متقدمة في أدب الطفل, حيث إنه وعلى الأعم والأغلب يوجه إلى الفئات الأكثر تقدماً من النواحي العمرية, وذلك لقدرة الطفل في تلك المرحلة على التحليق مع الكاتب في معرفة وتذوق وتقبل النص الخيالي الذي يقدم إليه, فأدب الخيال العلمي هو ذلك الأدب الذي يتناول حالة علمية في مضمونه ويتفنن الكاتب في تقديم أو تناول تلك الحالة بأسلوب فني راقٍ قريب من مخيلة الطفل ورؤاه وتفكيره, واضعاً في الحسبان إيصال فكرة ومضمون المادة العلمية بأسلوب فني جميل كله جمال وخيال ورؤى, وبإمكان أديب الأطفال الذكي أن يزاوج بين الأفكار العلمية ويدخلها في تداخل عميق لتحقيق الغاية المرجوة في التحليق بمخيلة الأطفال إلى عوالم أخرى لا تعد ولا تحصى, وحتى مفهوم الزمان والمكان بإمكان أديب الأطفال أن يزاوج بينهما ويحدث انتقالات زمكانية في نصوصه الأدبية بغية تعميق وتفعيل الحـــدث الخيالي بمفهومه وهنـــا يتــحتم عليه أن يكون ذكياً جــداً حــتى لا يجعل الطـفل يـتـشتت في الحـــدث وبــذلك تتــــلاشى الغـاية المرجوة من تقــديم النص وعـــدم القـدرة على إيصال ما هو مطلوب منه . إذ بإمكان أديب الأطفال أن يستلهم من الوقائع التاريخية ومن الحكايات الشعبية ومن الأحداث الواقعية للاستفادة منها في بناء نص أدبي للأطفال مستلهماً الخيال العلمي إطاراً وأسلوباً للنص بحيث يتمكن من خلق جو من الإقناع المقبول لدى الطفل من المزاوجة بين الحقيقة والخيال وبين الشخصيات الواقعية والشخصيات الافتراضية التي يدخلها في النص كأبطال فاعلين حيث يدفعها نحو تطويع الحدث في فضاء الخيال العلمي والمعرفي وهنا يتحتم على الأديب ان يكون حذراً في بناء النص وفي تحريك شخوصه وفي إيصال الحدث إلى غايته , فالفشل في استخدام النص للشخصيات بشكل سلبي يؤثر على تردي صورة ذلك الرمز والبطل المعروف ويقلل من قيمته. أما استعمال الأدوات ومصداقية مدلولاتها وقناعة العقل ومقبوليته لدى الأطفال فلها الأثر الكبير على نجاح النص, إذ لا يمكننا أن نجعل من بطل شعبي – مثلاً – يحارب بالأسلحة الليزرية وكذلك لا يمكننا أن نقنع الطفل بأن الكائنات الفضائية تستعمل أسلحة بدائية في مواجهاتها, لأن هذا لا يتناسب مع تطورهم وقدراتهم العلمية الخارقة.

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار